أيعقل أن هذا الطفل أقوى من جميع الكبار ممن حوله؟
الوقت يمضي طويلا والدقائق كأنها دهراً على الرغم من قصرها حين علت صرخةٌ مدويةٌ منها لأرجاء من حولها تبعها صوتُ ذلك الطاهرُ الخالي من شوائب هذه الدنيا معلناً قدومه بعد نضال دام ساعات طويلة وربما أياماً وفي ظروفٍ مختلفة متفاوتة بين اختلاف بيئة أو مكان، نضال الخروج إلى الحياة.
تعالت البشائر وتحوّل ذلك البكاء إلى فرحٍ وضحكٍ خِلّتُ من يرى تلك الأجواء يعتقد أنه عيد.
وبسبب هذا الصغير قوي الإرادة أُطلِقت الألقاب لمن حوله فالتي كانت بوابة الحياة له أصبحت أماً، وزوجها أباً وسيلتصق اسمه باسمه مدى الدهر، غير الجد والجدة والأعمام والعمات والإخوة.
بالإضافة إلى أن مواعيد الأكثرية من حوله تُرتب وفقاً لهذا الذي لا يعرف إلا البكاء لتلبية حاجاته الفسيولوجية، ويتفنن في مناداته عن حقوقه.
والولائم تُقام حمداً وشكراً لله عليه، والأقارب والأحباب يكثرون السؤال والزيارات كلها لأجله وباسمه يُرتب لها.
يدعو للتأمل هذا الموقف المتكررُ كثيراً جداً.
هذا الطفل أقوى من جميع الكبار ممن حوله.
أقوى في تحديد هدفه بوضوح حين قرر الخروج بأمر الله إلى هذه الدنيا، تجاوز كل الصعاب بتحدٍ كبير، أرغم من حوله للوقوف بجانبه ومساعدته، يطالب بحقوقه من غير حياء، يُعبّر عن مشاعره بوضوحٍ تام، يوقظ، وينيم من حوله متى شاء أو وفقاً لمزاجه.
أي قوة يحملها هذا الصغير؟
أتساءل أنحن كنا مثله في يومٍ ما؟
إذاً خُلقنا أقوياء وبأيدينا وبسبَبِنا أصبحنا ما عليه اليوم.
بسبب أوهام اختلقناها وتعشعشت في عقولنا فتحولت لسلوك وعجزٍ كبير وتَقيّدنا بأحزمةٍ من صنعِ صنعنا.
فهل بعد معرفة حقيقة قوتنا، وتحدينا، سنظل في مكاننا مكتوفي الأيدي، ضجرين، محزونين بلا أدنى تقدم!!