ماجدة السويِّح
القرارات الأخيرة لمجلس الوزراء في معالجة ظاهرة «التفحيط» المميتة حملت معها الحزم في التصدي للمجازر السنوية والخسائر البشرية والمادية التي تفتك بأمننا وسلامتنا، فخلال 16 عاماً فتكت الحوادث المرورية بـ 92 ألف شخص، وإصابة 500 ألف، في حين سجلت 16ألف مخالفة «تفحيط» من قبل مواطنين ومقيميين خلال عامين. المعالجة من خلال العقوبات المادية الباهظة قد تحد وتعالج من تجاوز المستهتر بأرواح الناس وسلامتهم، لكن بالمقابل تلك المعالجة تحتاج لتكامل من خلال إشراك وزارة التعليم بالشراكة مع وزارة الداخلية وجهات أخرى في إقرار مناهج لتعليم القيادة في المرحلة الثانوية كمواد إضافية للحد من نزيف الشوارع السنوي.
وجدت دراسة أمريكية أجريت عام 2015 على عينة من المراهقين بلغ عددهم 150.000 سائق خلال أكثر من ثماني سنوات أن تعليم قيادة السيارة يقلل من الحوادث والمخالفات المرورية بين السائقين، كما أظهرت الدراسة احتمالية حصول المراهقين على مخالفات مرورية يزيد مع المراهقين الذين لم يكملوا فصول تعليم القيادة بنسبة 75%، كما رجحت الدراسة تورط 24% من السائقين الشباب في حوادث مميتة أو إصابات بليغة.
هذه الدراسة دحضت ادعاءات بعض المشككين خلال ثلاثة عقود عن جدوى فصول تعليم القيادة، حيث قدمت هذه الدراسة القيمة دليلاً على فائدة التعليم في التقليل من الحوادث وخلق جيل واعٍ بالسلامة والأنظمة المرورية. التجربة الأمريكية في تعليم القيادة في الفصول الدراسية تجربة جديرة بالاهتمام والتطبيق، فقد خصصت ساعات لتغطية الجانب النظري، وساعات للجانب العملي بالتعاون مع مدارس القيادة في تقديم خصومات وتسهيلات للطلبة لتعلم القيادة العملية في أوقات مرنة خلال العام الدراسي أو الإجازة الصيفية.
أقترح أن تبادر وزارة التعليم في إضافة منهج تعليم قيادة السيارة والسلامة المرورية للمرحلة الثانوية، لما له من آثار إيجابية في إشباع فضول الطالب لتعلم قيادة السيارة لينشأ جيل واع بالقيادة الآمنة والمخاطر التي تكتنفها، وكيفية التصرف السليم في شوارع الرعب والفوضى التي تحصد أروح الآلاف يوميا، وتحيل البقية إلى أفراد عاجزين.
في الختام سأستعير عبارة د. غازي القصيبي -رحمه الله- في التنمية بتصرف لمعالجة ظاهرة «التفحيط» والسرعة القاتلة.
الطريق إلى المعالجة يمر أولاً بالتعليم وثانياً بالتعليم وثالثاً بالتعليم، ورابعاً بالحزم، باختصار التعليم هو الكلمة الأولى وقبل الأخيرة في ملحمة «التفحيط».