فهد بن جليد
تصوير الضحايا والمُصابين، لم يعد حكراً على مُتطفلي وسائل التواصل الاجتماعي، فقد دخل بعض الصحفيين المحترفين في (اللعبة) دون إجادة هذا الدور!
صحيفة (الديلي ميل) نشرت فيديو صادم لمُذيعة في قناة سلفادورية، وهي تتحدث مع مُصاب (يُصارع الموت) دهسته شاحنة، بدلاً من طلب المُساعدة له أو نقله للمُستشفى، فقد وضعت (المايكروفون) بالقرب من (فم الرجل) وهو يحتضر, وطرحت عليه مجموعة من الأسئلة ليقول (صدموني، وأنا أتوجع)، ويجيب (لم أر الشاحنة)، وأخيراً سألته: (هل تريد الذهاب للمُستشفى)؟ فرد عليها (مُستشفى..) ثم فارق الحياة!
لا يُمكن أن نُطلق على ما شاهدناه (سبق صحافي)!
فالسبق حق مشروع لكل إعلامي ولكل وسيلة إعلامية، شريطة مُراعاة معايير المهنة وأخلاقها، وهو ما نفتقده للأسف مع انحسار دور وسائل الإعلام قليلاً في نقل الخبر وتفاصيله بالسرعة اللازمة، مُقابل تمكن وسائل التواصل الاجتماعي من النقل دون معايير، أو ضوابط، وهو ما جعل بعض الصحفيين يسقطون في (فخ) التفرد، وسرعة النقل، والإثارة!
قبل عدة أيام وأثناء الزحام -بسبب حادث سير- على الطريق الرابط بين جدة ومكة المكرمة, رأيت مركبة بجواري مليئة (بالنساء والأطفال) وقد أخرجوا (هواتفهم المحمولة) من نافذة سياراتهم لتسجيل (مقاطع سناب) توثق مشهد المُصابين في الحادث، على طريقة (مُراسلي وسائل الإعلام), تذكرت حينها التأثير الذي كان يُلازمنا (لعدة أيام) عندما كنا صغاراً بعد مرورنا (بحادث سير) أو رؤية (مُصاب واحد) مُلقى على الأرض..
كيف تجرّدنا من تلك المشاعر والأحاسيس؟ وهل المسؤولية تقع على وسائل الإعلام التقليدية التي بدأت في نشر وعرض مشاهد القتل وصور الجثث والضحايا؟ أم على وسائل التواصل الاجتماعي التي أثرت في أدبيات العمل الإعلامي بأكمله؟!
نحن في حاجة (ميثاق شرف مُجتمعي) يضبط ما يتم تداوله وتصويره عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن نخسر كل مواثيق ومعايير الشرف المهنية الأخرى في المجتمع.
وعلى دروب الخير نلتقي.