رقية سليمان الهويريني
افتتح سوق عكاظ للسنة العاشرة هذا العام 2016م، وجاء هذه المرة متوائماً مع الرؤية الجديدة بعودة نكهة الفرح ومذاق البهجة التي صودرت في زمن ما ليعود المجتمع للتعايش والحضارة بعيداً عن الكآبة والانقباض، متضمناً فعاليات ثقافية، وأمسيات شعرية ومسرحيات جادة، وفنون شعبية، وعروض الخيل والفروسية، بالإضافة لمعارض الأعمال حيث تم تخصيص ثلاث منصات لبناء الإنسان والاختراعات، ودعم لثقافة العمل والابتكار وريادة الأعمال برغم طغيان الجانب الأدبي بصورة واضحة والثقافي بشكل ملحوظ؛ حيث أنشئت (أكاديمية الشعر) ومنها أعيد للشعر العربي الفصيح بهاؤه وسطوعه وتألقه.
وقد أحسنت إدارة سوق عكاظ صنعاً حينما قررت افتتاحه في فصل الصيف ووقت العطلة المدرسية لا سيما وأن مدينة الطائف تعد إحدى مصايف المملكة الشهيرة بجوها المعتدل وهوائها العليل كإشارة لتوطين السياحة وجلب السياح.
ما تميز به السوق هذا العام أنه جاء حازماً في إعلان الفرح للوطن، منتصراً على الظلام رغم ابتزازات سخيفة من فئة متشددة تكره الجمال، وتحارب الفرح، وتمقت البهجة، حيث بدأت في المتاجرة بشعارات بائسة غرضها مصادرة السرور من النفوس وحبس البؤس بين الضلوع بعد أن مارست بكائياتها وزاولت تنهداتها أكثر من ثلاثين عاماً. والاحتفال بعودة الأنس هو في الواقع استبشار لعودة الوطن للحياة الطبيعية بعد حقبة من السكون والخمول اُغتيلت فيها الفرحة، واستبدلت بصوت الفواجع والقتل والإرهاب.
ولعل الراصد لوضعنا الاجتماعي يدرك ألا ثمة حل لتلك المصائب التي كنا نستيقظ عليها، وتبديد للكآبة التي ننام عليها سوى نشر الفرح، وتضويع السعادة ونثر السرور بعودة المسرح وكافة الفنون إلى مشهدنا الثقافي كأهم محرك حضاري طبيعي، فهو غذاء العقل ودواء القلب! وكان من المبهج حقاً حضور السيدات للفعاليات كاعتراف بحقهن الوطني بالمشاركة في المتعة.
وأجزم أن الفعاليات المصاحبة لافتتاح سوق عكاظ ستكون الخطوة الانتقالية الأولى لمرحلة فنية جديدة في المملكة تقام فيها المهرجانات الغنائية لفناني الوطن بحضور مواطنيه، لنودع البؤس ونجلب الفرح ونوطن السياحة.
إن تفاعل المواطن مع عودة الطرب يشير لتعطشه لهذا اللون من الفنون الذي يعد أول خطوات هيئة الترفيه، وهي خطوة في مكانها الصحيح.