زكية إبراهيم الحجي
من رحيق كلام وأخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم نتعلم مكارم الأخلاق.. ومن معين حكم الصحابة نستقي طيب الكلام ولزوم التواضع.. ومراعاة المشاعر وحسن التخاطب مع الآخرين بمختلف شرائحهم ومستوياتهم الاجتماعية وفئاتهم العمرية.. فمعايير الأخلاق هي ما يحدد مسافات البعد والقرب بين الناس وهي الدستور الذي ينطوي على قواعد سلوك التعامل بين الناس لا فرق بين مسؤول ومواطن.. رئيس ومرؤوس أو بين فقير وغني يقول الشاعر:
فأخلاقُ الرسولِ لنا كتابٌ
وجدنا فيه أقصى مبتغانا
بلا مواطن بلا بطيخ.. ما أقسى هذه العبارة وأمرَّها على قلب المواطن وكأنها ليس إلغاء لحقوق المواطن فقط.. بل إلغاء لشخص المواطن وهويته وكرامته.. عزته ومشاعره.. وتزداد هذه العبارة قسوة وألماً ومرارة عندما تصدر من شخص هو أساساً مواطن واختير ليحمل همّ المواطن ويطرحه على طاولة الحوار والنقاش تحت قبة مجلس الشورى باعتباره قد شغل كرسي عضوية في مجلس الشورى.. وباعتبار أن المواطن هو بوصلة أي مسؤول في الدولة أو أي عضو من أعضاء مجلس الشورى يستدل من خلالها على معاناة واحتياجات وحقوق المواطن وذلك لأن قاعدة العلاقة المباشرة بين المواطن والمسؤول هي «حق المواطن وواجب المسؤول» وهي القاعدة التي من المفترض أن تكون سائدة في المجتمع الوظيفي بشكل عام.. ناهيك عن كون المواطن هو الأساس في كل المجالات.. وأن كافة الخطط التي تُحدد وتُرسم هي من أجل مصلحة المواطن لرفع مستواه المادي والاجتماعي وتحقيق حاجاته الأساسية وعدم المساومة عليه وإهانته والتقليل من شأنه والطعن في كرامته..
بلا مواطن.. بلا بطيخ.. عبارة تضع المواطن أمام تساؤلات غاضبة تَفَجرَت لحظة استفزاز من قائلها.. هل بعض أعضاء مجلس الشورى مع احترامي وتقديري لهم جميعاً.. لديه أزمة وعي وطني ويحتاج إلى فيض من قراءة فاحصة وواعية لكل ملفات احتياجات المواطن التي تُناقش في مجلس الشورى الموقر.. ثم أليس هناك من آلية معينة للتصريحات الإعلامية التي يدلي بها الأعضاء الموقرون لوسائل الإعلام حتى لا يكون هناك معلومات مغلوطة أو مضللة أو يُبرر أي تصريح على أنه رأي شخصي.. مع العلم بأن الآراء الشخصية حول القضايا المتعلقة بالمواطن تُناقش وتُعالج بين الأعضاء تحت قبة المجلس وتبقى أي تصريحات إعلامية متعلقة بنتائج أو توصيات معينة مسؤولية المتحدث الإعلامي باسم المجلس.. أما التصريحات الاستعلائية التي لا تمت للواقع بصلة واستخدام عبارات تخدش كرامة المواطن وتقلل من شأنه.. تُغضِبه وتستفزه وتثير حفيظته وبالتالي تُشعل مواقع التواصل الاجتماعي لأيام فلا أعتقد أن أي مسؤول يعي مسؤوليته ويُدرك ما له وما عليه يقبل بذلك.. فالمواطن في نظر قيادته إنسان يستحق الاعتزاز ويُكن له التقدير.. وواجب المسؤول أن يقتدي بقادته الكرام.. وعليه أن يدرك أن كرامة المواطن جزءٌ من كرامة الوطن.. ولطالما أكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان حفظه الله على المسؤولين الاهتمام بالمواطن وإتاحة فرصة التعبير له والاستماع إلى شكواه بحلم وتواضع.. فمن أقواله أمدَّ الله في عمره ما وجهه حفظه الله إلى المسؤولين وأعضاء مجلس الشورى أثناء أحد اللقاءات بهم في مجلسه «كل مواطن في بلادنا هو محل اهتمامي ورعايتي» فهل يعي أصحاب العبارات الخادشة لكرامة المواطن ويضع نصب عينيه كل ما يقوله خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان حفظه الله ورعاه نرجو ذلك.