ميسون أبو بكر
بين الوقت والآخر يطّلع علينا عبر وسائل الإعلام التافهة وغير الرسمية المجيرة للفاسدين المغرضين أصحاب النوايا الدنيئة والتخريبية من يستخدمها كأبواق لبث سمومه وأحقاده وأمراضه النفسية وعقده القديمة المتجددة.
لكن المستغرب أن تثير الضحك والقرف في نفس الوقت محاضرة ليوسف زيدان في ندوة بالمغرب الشقيق أثارت سخرية الحاضرين فانطلقت ضحكاتهم التي رد عليها بأسلوب المهرج، وهذا يفتح الباب على مصرعيه من جديد أمام أولئك الذين يحملون ألقاب الثقافة والفكر ويتجردون من المصداقية ويفقدون ثقة متابعيهم، فيأتون بسقطات قد لا تغفر لهم ولا يغفرها التاريخ الذي تجاهلوه وزوروه بهتاناً وجوراً.
لعل التاريخ وكتبه مليئة بالشواهد، وخير الكتب وأقدسها القرآن الكريم الذي نزل على النبي محمد في الجزيرة بلسان عربي مبين ثم انطلق نشر الدين الإسلامي باللغة العربية لتكون مكة المكرمة نقطة إشعاع للعالم أجمع.
ولأطلعك أيها القارئ الكريم على جمل لا تليق بمثقف أن تخرج منه بدوافع العداء والبغض غير المبرر للمملكة والإصرار على التقليل من شأن هذه الديار المقدسة بما حباها الله والحمد لله أن تاريخها يشهد بحضارات مرت منها قبل سبعة آلاف سنة، ولغات نقشت على صخورها الشاهقات، وأمم وملوك سكنوها قبل أن تعرف حضارة النيل والأهرامات وبلاد دجلة والفرات.
قال زيدان في محاضرته؛
«عمر المنطقة ما كان فيها حضارة
ولا يوجد علماء للغة العربية في الجزيرة»
إن تضليل الجمهور بتفاهات مثل هذه قد تجعلنا نطالب أن تكون هناك محاكمة لهؤلاء الذين أخذتهم العزة بالإثم فنضحوا بما لديهم وأن تغلق المنابر أمام فجورهم المتعمد وجهلهم وازدرائهم الآخرين والتقليل من شأنهم.
يستيقظ هذه اللحظات في أذهاننا شعراء المعلقات وسوق عكاظ التي يجتمع بها الشعراء في مواسم التجارة يتعاكظون فتتنفس اللغة العربية الحياة والمجد والديمومة كلما صدحت الذاكرة بأشعارهم.
ففي كل منطقة شاعر عربي، وفي كل وجهة من المملكة حضارة، والجبال شاهدة على الحضارات التي أبى أصحابها إلا أن يتركوا آثارهم وحروفهم مكتوبة بسبع عشرة لغة.
الجزيرة التي هي مهبط الوحي الذي نزل بلسان عربي مبين هي حضن لغة القرآن الكريم الذي حفظها.
ولا أقول إلا كفى يوسف زيدان وأمثاله الجهل.