إبراهيم الطاسان
صائغ العملة، وكل صانع لمصنوع، مهما حاول يبتكر ويخفي معالم أساليبه وطابعه، لا بد أن يترك بصمة تدل عليه. كلنا نتذكّر الكيفية التي نشأت وتقوّت بها داعش في زمن سيئ الذكر رئيس وزراء العراق نوري المالكي الطائفي الموالي لإيران بدرجة الامتياز. حينما انسحبت قواته بدون أسلحتها الثقيلة والخفيفة، مهرولة إلى بغداد من الموصل، ولا يقبل من فيه ربع عقل دعوى هروب القوة العسكرية بدون أسلحتها كاملة «الانسحاب» الانسحاب كما هو معروف عند العسكريين يتم بالأسلحة الكاملة وبالمحافظة عليها، أو الثبات ومواجهة العدو حتى النصر أو تنفد الذخيرة فتنسحب القوة بأسلحتها. والهروب الذي حدث بترك كل الأسلحة، لو لم يكن بأمر من القائد العام للقوات المسلحة الذي كان آنذاك نوري المالكي، لا أعاد الله أيامه على العراقيين. ما انسحبت القوات ربما حافية تاركة «بساطير» الخدمة العسكرية لمن يخلفهم على الموصل. وكانت داعش أسوأ خلف لا لأسوأ سلف. ولو لم يكونوا الأسوأ لكان فيهم رجال ممن أنجبتهم حرائر من ظهور الرجال. يعترضون أن ينسحبوا كقطعان الماشية وقد صدرت من الماء، تجر أظلافها نحو المرعى. ووجه آخر لا يقل سوءاً. بين أن الصائغ « المخرج» واحد. حينما تركت بعض وحدات الجيش والأمن اليمني والحرس الجمهوري أسلحتها بصعدة على دفعات متوالية مع كل حرب بين الحوثيين والمخلوع. بتسلم الأسلحة وعدم المقاومة من ذلك البعض للحوثيين بتوجيه المخلوع. نفس أسلوب نوري المالكي، ونوري المالكي أظهرت فترته أن ذكاءه أقل بكثير من أن يصوغ هذه الحيلة، وما دونها، إنما هو منفذ لتوجيهات أولياء نعمته هو في طهران. فزرع فتنة الطائفية، في الوسط الاجتماعي والدوائر الحكومية، ولم يكن له خيار في ذلك. وها هي الحوثية تمارس نفس الأسلوب في الدوائر الرسمية اليمنية، تنثر عناصرها في كل مرفق تحسباً لمستقبل الأيام. وللشرعية اليمنية أن تعتبر لما يحدث الآن في العراق من تسلط الحشد الشعبي، الذي أسسه رجل إيران الأول نوري المالكي، والذي يمارس الآن جرائم ضد الإنسانية متمرداً على القيادات بتوجيهات إيرانية، وغداً سيتمرد على الدولة العراقية. بأن تتنبه وتجعل ما يحدث في العراق الآن نصب عينها. أي تمكين للحوثيين في السلطة إنما يعني سرطان في جسد الشرعية، ودرن في رئة الأمة. لأن الوجهين الحوثية والدواعش مولودان من رحم الفتنة الفارسية، لذلك تشابهت حالات التمخض بهما وولادتهما متشابهتان في الغايت والأساليب. لعل فيما سيكون في اليمن من اجتثاث للحوثية، ومحاكمة قياداتها الملطخة بالدماء اليمنية، نموذجاً يحتذيه المخلصون لوطنهم من العراقيين...