ننعم هذه الأيام بإنتاج النخلة، هذه الشجرة المباركة رفيقة للإنسان العربي منذ غابر الدهور يتغذى على ثمارها، ولقد بدأت النخلة هذه الأيام تؤتي أكلها وعطاءها ونتاجها وبقدر ما تعطيها تعطيك، ومن المعروف أنه يتوقف نجاح غرس النخيل على مهارة ومعرفة بطريقة ريها وتسميدها وإعطائها كفايتها من الماء وتقليمها وحمايتها من الآفات والتلوث وطريقة التلقيح إلى غير ذلك مما يعرفه أهل الخبرة والاختصاص. وتفيض الأسواق هذه الأيام بأنواع الرطب وأصناف التمر.. حقيقة إن النخلة شجرة مباركة تصبر على الحر والبرد تخضع لعدة عوامل جوية وتتحمل الشمس والرياح والبرد على حد سواء، وفي بلادنا أخذ الناس يقبلون على غرسها والعناية بها. وقد بلغت اليوم أصنافها أكثر من مائة نوع وصنف وينبغي نشر الوعي الغذائي عن فائدتها الغذائية.
ولعل أبرزها البرحي والسكري والخلاص والصقعي والمنيفي والدخيني والسلج والدلفة والحلوة والرزيزي والصفراء والسري والشيي والكتومي ونبوت السيف وغيرها مما لا يتسع المجال لذكره، ولقد قيل: هي المال والخير والظل، وأدبيات النخلة كثيرة ومتعددة، ولقد ذكر الله النخيل في كتابه الكريم في معرض تعداد نعمه وفضله على عباده كما قال تعالى: {وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ رِزْقًا لِّلْعِبَادِ} ، ولقد زخر الشعر العربي الفصيح والعامي بالقصائد والأقوال التي دبجتها يراعات وقرائح الشعراء في ذكر النخلة ومن ضمنهم الشاعر أحمد شوقي، حيث قال:
أرى شجراً في السماء احتجب
وشق العنان بمرءى عجب
مآذن قامت هنا أو هنا
ك ظواهرها درج من شذب
وباسقة من نبات الرمال
نمت وربت في ظلال الكتب
وناطت قلائد مرجانها
على الصدر واتشحت بالقص
أهذا هو النخل ملك الرياض
أمير الحقول عروس العزب
طعام الفقير وحلوى الغني
وزاد المسافر والمغترب
وهي قصيدة طويلة كلها وصف جميل وتعداد لمزاياها وذكر لفوائدها وعظم نفعها، فمزيدا من الاهتمام بالنخلة فهي أم الخير وينبوع الفضل، ولنحرص على تكثيرها والعناية بها وحمايتها، فهي شجرة مباركة، ولقد جاء في الحديث (بيت ليس فيه تمر أهله جياع) ولقد قيل: ياحبذا الثمرة ما أحلاها، ولو استعرضنا أدبيات النخلة لطال بنا الأمد، وهكذا عشق ابن الصحراء النخلة لأنها تشكل مصدراً ودخلاً للأمة وما زالت تمثل وتشكل ذلك، فهي شجرة نامية متجددة في كل عام وثمرتها ذخراً لنا ولأولادنا لا تنتهي حياتها وفائدتها بوقت وزمن معين بل يورثها الآباء لأبنائهم، فهي باقية مع الزمن وخالدة مع الأيام، فلنحافظ على النخلة ونؤد ما لها من حقوق ورعاية وعناية واهتمام وإنشاء مراكز أبحاث النخيل والتمور، وتصنيع التمور وحفظ الأصول الوراثية وإنشاء مركز يتم فيه تجميع أنواع النخيل وأصنافها سواء المحلية أو العالمية، وما أكثر المنتجات الناتجة من التمور فهناك الفائض لدينا في كل عام يجب الاستفادة منه.
إن الأمل كبير في كليات العلوم والزراعة ومراكز أبحاثها في تطوير الاهتمام بالنخلة وزيادة عدد مصانع التمور والصناعات المشتقة والقائمة عليها وازدياد الوعي والعناية بهذه الشجرة المباركة.