الثقافية - محمد هليل الرويلي:
أعادت المادة التي نشرتها الثقافية في العدد (499) الذاكرة للشيخ عبدالله بن محمد البليهد وكيل إمارة منطقة الرياض السابق الذي تحدث «للثقافية» عن مجلس ضم عددًا من الوجهاء والأدباء في عام 1355هجري وقتها أبدى صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن عبدالعزيز - رحمه الله- «الملك لاحقاً» في ذلك الوقت رغبة في تجديد موقع سوق عكاظ التاريخي بعد تضارب الأقوال المختلفة عن موقعه المورود في بعض المخطوطات والكتب فكلف «فتى عبدالعزيز» الأديب والمؤرخ محمد بن عبدالله البليهد للبحث عن الموقع الحقيقي لسوق عكاظ، فأخذ المهمة بكل همة والدي «الفارس الجوال» كما أطلق عليه الأديب محمد حسين زيدان، وذلك نظرًا لعلو همته وثقافته ومعرفته الواسعة واطلاعه بتاريخ العرب، لأنه أمضى حياته في جهد متواصل من أجل تأليف كتاب «صحيح الأخبار عما في بلاد العرب من الآثار» فكان لايكتب عن مكان وموقع تاريخي ذو أهمية حتى يرى أثره وموقعه على الطبيعة، كما كان رحالة يجوب البلاد من أجل العلم والأدب والتاريخ والجغرافيا فأصبح مرجعًا هامًا استفاد منه الكثير. فتلقى التكليف بكل همة وعزيمة واهتمام من الأمير الفيصل «الملك لاحقاً» الذي أدرك بثقافته النوعية وحسه الأدبي الواسع أهمية تلك السوق من ذلك الوقت مستطلعًا لهذه البلاد مجدها الأدبي وثقافتها التي تليق بها بين البلدان العربية كونها نواة العالم العربي والإسلامي ومرجع الحضارات التاريخية والعالمية. ويؤكد ابن بليهد أن والده الباحث التاريخي والبلداني الشهير صاحب سفر «صحيح الأخبار عما في بلاد العرب من الآثار في بلاد العرب من الآثار» يُرجع الفضل في تحديد موقع سوق عكاظ للملك الشهيد فيصل بن عبدالعزيز. يشار إلى أن الشيخ محمد بن بليهد -رحمه الله- ولد بمدينة غسلة بالقرائن عام 1310 هجري من قبيلة بني خالد توفي في بيروت عام 1377هجري، هو أول من أهم بتحديد الأماكن والبقاع في جزيرة العرب ونجد ذلك في كتابه صحيح الأخبار عما في بلاد العرب من الآثار كما أنه أول من أشار إلى مقارنات شاعرات البادية بفصيحه وعاميه، ظلت مقولته الشهيرة التي أطلقها وهو يصارع المرض وقد تجاوز الرابعة والستين «ونحن الآن في زمن يجري منه العلم وراء الصواب ولايستسيغ منه إلا الحق واليقين وماخفف علي هذا المجهود الجبار وقد اشتعل رأسي شيبًا وبلغت من الكبر عتيًا ولازمني المرض ناسيًا كل هذا مضحيًا براحتي ... إلا إحقاقًا للحق وخدمة للعلم» مثارحديث واسع وإشادة من بين الأدباء والمثقفين وضيوف سوق عكاظ في دورته العاشرة، وطالب بعضهم بتكريم البليهد في الدورات القادمة للسوق وإبراز أعماله الجليلة خلال مسيرة حياته يرحمه الله.