قَمَري ما رَثى – ضَنيناً- لِحَالي
كمْ ليالٍ جفا فطالتْ جوى لي
زادَ من مَضْجِعِ الهناءِ صُدُوداً
صاغَ في مَضْجَعِي لظىً من خَيَالي
كلَّما شِئْتُ فاتني صاحَ عَقْلِي
سوفَ تُضْنَى بفاتكٍ لا يُبالي
كُنْ بعيداً فالبَوْنُ ألْطَفُ كيَّاً
من لقاءٍ لِمثلِ عِشْقِكَ صالي
ويحَ قلْبي، أجبْتُ نبْضِي ليشْفَى
ربَّما من حنانِ ذاتِ الدَّلالِ
والتقينا، أرْسَلتُ نظرةَ صَبٍّ
فرَمَتْني بوابلٍ من نِبالِ
لم تدَعْ - لي- عُضْواً سَليماً كأنِّي
وجمالاً طغى بها في قِتالِ
فتذكَّرْتُ كَمْ أُنَاسٍ أُبِيدوا
أرْهَقُوا هاجِسي وأضْنوا مقالي!!
آهِ من آهةِ التَّفَرُّقِ حرَّى
سَهَّدَتْني بكيدِ عمٍّ لِخالِ
ما بدا جهْبَذٌ يَجِدْ ألفَ وَغْدٍ
مُتجَنٍ وألفَ ألفَ رِغَالِ [1]
بعْضُهمْ صارَ قاصِماً ظهْرَ بعْضٍ
وهمُ في اختلافِهمْ كالعِيال![2]
أكذا يَعْربٌ تنامى شِقاقاً
دَمويَّاً في سائرِ الأجْيالِ؟
أوَلَمْ يَشْهَدوا عدوَّاً حَقُوداً
قاصِداً نُورَهمْ بغيرِ انفصالِ؟
فإذا ما أتَى بني العُرْبِ جَهْراً
شاءَهمْ خُفْيةً بوجْهِ احْتِيالِ
كمْ هلاكٍ غزا مَآمنَ قومٍ
حَسِبوه من مُنْقِذٍ مِفْضَالِ
وغشُومٍ في ثوبِ خِلٍّ مصافٍ
باتَ يُخْفِي خَتْراً بغيرِ مِثَالِ!
في جنوبي مجَازرٌ وبِغَرْبي
وبِشَرْقي فظيعةٌ وشَمَالي
أيْنَما تَتَجِهْ ترَ البُؤَسَ أصْنا
فاً، بِفَتْكٍ من مُفْتَرٍ ومُوالي
لِمَ أحْزابُ دينِنا السَّمحِ- أهْدَا
فاً- تَخلَّتْ عَنْ نَبْعِهِ السَّلسَالِ؟
يَدَّعون الجهادَ زوراً ويخفو
نَ ضَلالاً سَخافةَ الإضْلالِ
أيُّ دينٍ أباحَ سَفْكاً أثيماً
لِيُحلَّ الحَرامَ قَبْلَ الحلالِ؟
برمْجوا نهْجَهمْ دَمَاراً وقتلاً
زعموا الانتحارَ عينَ النِّضَالِ
فهمُ يُعْلنِون خشْيةَ ربِّي
وخفاءاً عبادةَ التِّمثالِ
وإذا واجَهوا الضِّياءَ تلاشوا
ما لَهمْ غيرُ خِطَّةٍ من مِحَالِ [3]
لو مَشوْا في السَّواءِ ما طالَ جِسْمٌ
عَنْ أَخيهِ وأُهْلِكوا بالجدالِ
إنَّما الدِّينُ أُلفَةٌ واعتصامٌ
وانْتِهاجٌ مُتَوَّجٌ بالكَمَالِ
يا بني أمَّتِي، الحقيقةُ تُدْمِي
وهِيَ أيضاً دَرْبٌ من الآمالِ
ينْهَشُ الواقعُ المرِيرُ كياني
فأرى الحَزْمَ جِامِعاً أوْصَالي
وأرى لِلإباءِ عَزْمَ تَحَدٍّ
فيهِ لِلضُّوءِ عِزَّةٌ من جَلالِ
عرَفَ العِزُّ كيف يُثْمِرُ سَعْداً
كيفَ يزهو فوزاً بمِلْءِ السِّلالِ
..كيف يغدو الأبطالُ أنصارَ حقٍّ
ويدوسون خصْمَهمْ بالنِّعالِ!
إنَّ لِلحَزْمِ وِحْدةً ورُعُوداً
سوفَ تُنْهي جَرَائمَ الأنْذالِ
ومَضَاء لا يعرفُ الكَفَّ إلاَّ
عنْ حرامٍ أو سَيِّئ من خِلالِ
منْ حُشودٍ أبْرَاهمُ النُّورُ صفَّاً
ضدَّ طاغٍ وناكثٍ دجَّالِ
كان دَرْبُ الوفاءِ دونَ دليلٍ
ثمَّ أضحى بمُرْشِدٍ ورجالِ
يَطْلُبون المَمَاتَ نُعمَى إلهٍ
ما دعاهمْ لزَحْفِ نصرٍ [مِثالي][4]
ألفُ بُشْرى لكلِّ يُتْمٍ وعَجْزٍ
وجريحٍ برافعِ الأثْقَالِ
شَمْسُهمْ أشْرَقَتْ إلى أينَ يَنْجو
من دهَاهُمْ بعُنْفِهِ والنَّكالِ؟
يُصْبحُ الجورُ قصةً من فناءٍ
- إنْ تمادى- بقاصمٍ رئْبالِ
يهبُ الله من يشاءُ إباءاً
فهنيئاً للشَّامخِ المُتعالي
مَهْبِطُ النُّورِ لمْ يزلْ يُنْجِبُ الفخْـ
رَ وفرْزَ الأخيارِ والأبطالِ
يُحْرِقونَ العَدُوَّ صَمْتاً وصَبْراً
فإذا ما انتهى انتهى بالفِعَالِ
فهُمُ كالبحارِ جوداً وكرَّاً
كَأُسُودٍ لهمْ ثبَاتُ الجِبالِ
بهمُ تُزْهِرُ الأماكنُ ناساً
وهيَ - لو أُفْعِمَتْ بغَيْرٍ- خوالي
يا إلهي وما لِنُعماكَ حَدٌّ
أدِمِ الفَضْلَ يا عظيمَ النَّوالِ
ليس إلاَّكَ في الشَّدائدِ يُرْجَى
يا عليماً بِمُرْمِدي واشْتِعالي
- شعر/ منصور بن محمد دماس مذكور