الدمام - عبير الزهراني:
قال اقتصاديون إن الاستثمار في الأعمال الجديدة يمثل أحد أبرز العوامل التي تساهم في نمو الاقتصاد، وتستهدف الدول دعم هذا التوجه بخلق بيئة تشجع على جذب رؤوس الأموال المحلية والخارجية على حد سواء. وأكدوا لـ»الجزيرة» بأنّ الظروف الحالية وفي ظل الركود الاقتصادي العالمي وخاصة الدول التي يشكل النفط جلّ إيراداتها ومنها المملكة، تستوجب تكاتف جميع الجهات المختصة وصنّاع القرار والخبراء بوضع خطة عمل تحقق رؤية 2030.
وقال الخبير الاقتصادي المهندس عبد الرحمن النمري: نتمنى أن تنطلق هذه الخطة من خلال توطين الصناعات: فهناك الكثير من الصناعات التي يتم استيرادها بصورة مستمرة من مواد ومعدات وغيرها، هي صناعات قابلة للتوطين تستطيع المنشآت الصغيرة والمتوسطة تبنّيها إذا ما وجدت الدعم والتسهيلات من صناديق التمويل الحكومية وغير الحكومية، فتوطين الصناعات هو أجدى وأسرع الطرق لتحقيق رؤية المملكة، بحيث نصل في البداية إلى الاكتفاء الذاتي ومن ثم إلى التصدير وجميع عوامل النجاح متوفرة، وكل ما نحتاجه هو المبادرة والتنسيق ومنح الثقة للشركات الوطنية. بالإضافة إلى استقطاب الشركات العالمية الرائدة في مجال الصناعات الثقيلة والمعقدة، وكذلك استقطاب الشركات التي يشار لها بالبنان في مجال التقنية، حيث سينعكس ذلك إيجاباً وبصورة مباشرة في خفض نسبة البطالة وتدريب الأيدي السعودية العاملة، وأيضاً في إنعاش الشركات الخدمية السعودية، ويتخلل ذلك نقل الخبرات لأبناء الوطن مما سيؤول إلى استنساخها وتطبيقها مستقبلاً في شركات سعودية ناشئة ستقود هذه الصناعات يوماً ما.
وأضاف: إذا تم العمل على المحورين السابقين وتكاتف الجميع لتحقيقهما، فسنجد أن بيئتنا الاقتصادية تلقائياً أصبحت بيئة جاذبة للاستثمارات الخارجية ورؤوس الأموال الذكية، مما سيعزز خطوات المملكة لتحقيق رؤيتها.
وقال الاقتصادي عبد الواحد المطر: يعرف الاستثمار بأسلوب رأس المال الجريء، إنه الاستثمار الموجّه للأعمال الجديدة، والمؤسسات الصغيرة التي يكون الطابع الغالب فيها محدودية المال المتوفر للنهوض بها مع وجود إمكانية كبيرة لتحقيق أرباح من أعمالها على المدى الطويل. وتقوم صناديق الاستثمار الجريء والبنوك الاستثمارية بتمويل المشاريع التي ترى فيها فرصة نمو وتحقيق أرباح مستقبلية وعادة تكون درجة المخاطرة كبيرة في الأعمال الناشئة، ولهذا تكون لهم في أغلب الأحيان سلطة في اتخاذ القرارات الكبيرة داخل الشركة، وأشار إلى أن المؤسسات والأفراد يركزون قبل الدخول في مثل هذه الاستثمارات ذات المخاطر العالية على إدارة ممتازة للعمل القائم ووجود خطة عمل قوية ومقنعة، وتوفير مؤشرات نمو كبير في حجم عمل المؤسسة، بالإضافة إلى خبرة مناسبة للمستثمر في نوعية عمل المؤسسة المستهدفة.
وعن أهمية الاستثمار الجريء في الاقتصاد ، ذكر المطر أن النشاط الاقتصادي في أي بلد مبني على حجم الأعمال والقيمة المضافة التي تولدها وعدد الوظائف التي تساهم بها، حيث توفر الأعمال الجديدة والمؤسسات الصغيرة رافداً مهماً لدعم الاقتصاد، وتكون هي البذرة الأولى في أحيان عديدة لمنشآت كبيرة يقوم عليها اقتصاد الدول. فشركات مثل آبل ، وغوغل و أوبر أفضل مثال لما يمكن أن تصبح عليه الأعمال الريادية بدعم رأس المال الجريء. تمثل الشركات التي تلقت دعماً مالياً بهذا المثال20% من حجم الشركات المدرجة في السوق الأمريكي حالياً. حجم الوظائف والأسواق والقيمة المضافة التي يقدمها الاستثمار الجريء أصبح يلعب دوراً كبيراً ومؤثراً، ولهذا تتوجه أغلب الدول لوضع الأنظمة والدعم للنهوض به بما ينعكس على التطور الاقتصادي المتوقع منه.
وبين المطر بأنّ هناك العديد من الصعوبات التي تواجه رواد الأعمال في المملكة صعوبة إنهاء أعمالهم لدى الجهات الحكومية التي يتعاملون معها، وضبابية طريق الحصول على تمويل لدعم استثماراتهم، خصوصا مع عدم قدرتهم على توفير الضمانات اللازمة والتكلفة العالية لإيجارات الموقع والمعرض للمؤسسة، وعدم توفر عمالة كافية لإنجاح المشروع وضعف مهارات المتوفر منهم، بالإضافة إلى صعوبة التنافس مع العمالة المتسترة واحتكار بعض الموردين لبعض القطاعات، مما يصعب حصول رواد الأعمال على المواد الخام بسعر تنافسي.