سعد بن عبدالقادر القويعي
لا يكاد يكون تطرف المرأة، ومشاركتها في المنظمات الإرهابية بدافع المقامرة، واكتشاف المجهول الذي هو فطرة لديهن في مرحلةٍ عمريةٍ معيّنة، ظاهرة يستهان بها. -ولذا- فإن من أكثر الحلول صعوبة، وخروجا على المألوف؛ من أجل التصدي لهذا الخطر، إشراك النساء مع تلك التنظيمات الإرهابية في مناطق الصراع، وتلك مفارقة غريبة تبين للمتابع، أن دور المرأة في العنف له مضامين تتجاوز الصراع ذاته.
تصريح المتحدث الأمني لوزارة الداخلية حول استعادة نساء يحملن المنهج التكفيري، وبمعيتهن أطفال كانوا في طريقهم إلى مناطق الصراع السوري -قبل أيام-، يؤكد على عمق خطورة قناعات المرأة، واستعدادها للتضحية بأغلى ما تملك، بعد أن اتخذت موقفاً متشدداً إزاء فكرة، أو أيديولوجيا، أو قضية قائمة ؛ لتغيّر مجرياتها الواقعية إلى سياقات غير مألوفة، وتوجيهها حسبما يريدون؛ لتنفيذ مخططات إرهابية، أو تنـزيل أفكار شاذة على أرض الواقع.
انضمام المرأة للجماعات الإرهابية أصبح يثير الكثير من الاهتمام، والتخوف؛ كونه يخلّ بالنظام الاجتماعي، وبالأمن المجتمعي. وهو حدث سيء عندما يكون متعلقا بإرهاب الضعفاء، والأطفال، والنساء، وهو سيء -أيضا- عندما يُستخدم الدين لأغراض سياسية، قد يصل بهن إلى ظاهرة الإرهاب. والشيء بالشيء يذكر، فقد أوضحت «حملة سكينة» وفقاً لاستبيان طرحته، أن 40 % من مواقع تنظيم القاعدة، والتنظيمات الإرهابية الأخرى تديرها النساء، وهذه نسبة عالية جداً.
يمكن التعبير عن التطرف في مجموعة متنوعة من الطرق ؛ فتقديم النساء وظائف الدعم للذكور، كجمع المعلومات الاستخبارية، أو تقديم الرعاية الصحية، أو المشاركة في عمليات التجنيد، والقيادة التنفيذية، واللوجيتسيك، أو تقلد مهام القادة الإيديولوجيين، أو السياسيين يمثلن التشدد -مع الأسف-؛ لإثبات الذات لديهن من غير وعي. -وبحسب دراسة أخيرة- قامت بها حملة السكينة، فإن تنظيم داعش ابتكر إجراءات، وأساليب جديدة تختلف عما كان معهوداً في تنظيم القاعدة، التنظيم الأم الذي انشق عنه، إذ سمح داعش للنساء بلعب مزيد من الأدوار التنفيذية، ما مثّل عنصر جذب للنساء، والفتيات اللاتي قد يجدن فيه أحد أشكال تحرر المرأة داخل تلك المجتمعات المتطرفة شديدة الانغلاق، ومن هذه الأساليب، تأسيس كتائب خاصة بإدارة، وقيادة نسائية.
وفقاً لإحصائيات وزارة الداخلية السعودية، فقد أكدت الوزارة أن ظاهرة تطرف النساء قليلة العدد جداً، ولا ترقى لتصبح ظاهرة تهدد المجتمع؛ الأمر الذي يجعلنا نؤكد على أن الحد من احتمال وقوع بعض النساء كفريسة للتجنيد في المنظمات الإرهابية، والخروج من بعض الأزمات التي تمرُّ بهن، أو لعاطفةٍ جيّاشةٍ للإسلام تعتمل في صدورهن، يستلزم وضع خطةٍ محكمةٍ للإحاطة به، وعدم تعدّي آثاره للفترة الزمانية، أو البيئة المكانية التي وُجِدَ فيها؛ من أجل أن ينشأ لديهن قوة ذاتية، يستطعن من خلالها التصدِّي لمداخل الغلوّ، والتطرُّف، ومنازع التكفير، والعمل على دمج المنظور الجنساني داخل مؤسسات المجتمع المدنية، وزيادة مشاركة المرأة في إنشاء، وتنفيذ هذه الاستراتيجيات.