أ. رفاه السيف في كتابها (ونحترف الحزن) الصادر عن وهج الحياة للنشر أبدعت في الكتابة عن الوطن..
وقالت: نضطر أحياناً لأن نغرق.. ننغمس في الغربة.. لتسكن جراحنا وتنام.
نحتاج إلى أن نغص بمرارة الغربة.. لندرك أن للوطن طعماً أعذب من الماء الزلال.
قررت الرحيل.. الانزواء في ركن آخر بعيد.
أحضرت حقيبة كبيرة جداً أردتها تحتوي كل التفاصيل التي لا أستطيع عيشاً دونها.. ملأتها بأشياء منك تشبهك.. تذكرني بك.
لملمت قليلاً من بعثرة روحي.. وتركت لك الكثير لتحتفي به متى شئت.
وتقول الكاتبة في نص آخر:
دوماً تتقاذفه الأزقة الضيقة
وتلفظه جدران وبيوت الطين.
وحيثما يولي وجهه فثم قسوة موحشة، وضياع يتربص به كل حين..
يقتله الحنين والاحتياج لصورة.. رائحة.. صوت والد لم يره.. وتقتله القسوة من والد آخر.. لم يكن له يوماً!
قضى أيامه بين أحضان النخيل.. ولا شيء غير النخيل كان يرغب في احتواء ضعفه.. نحوله.
حتى انكسار روحه المفجع.. لم يكن ليجد من يرممه له.. ويستر حاجته الطفولية إلى احتضان وقبله.
طفولته الممزوجة بكثير من الحرمان..
لم يستطع أن يدرك سبباً واحداً لها..
وعلى الغلاف الأخير جزء من أحد النصوص:
كان كعادته يتسول الفرح..
يتسكع في الطرقات.. ويركل الحجر بقدمه عندما سمعهم يضحكون.
علم أن لديهم (حياة) ما.. ومهما كان شكلها.. ملامحها.. نكهتها.. فإنه بدا متلهفاً بشدة لتجربة أي شيء.
أي شيء يشعره باختلاف أيامه عن بعضها..
عزم على تجربة حياة أخرى.. منها غلا الثمن!
ابتساماتهم الماكرة.. لم يلتفت إلى مكرهاً بقدر اهتمامه بأنها (ابتسامات)..
كان في أيامهم متسع لطيبة وسذاجة أمس يعلق عليهم حياته..
فرحه وآماله..
وصار ينتشي كل صباح.. فقد أصبحت له حياة..
أصدقاء وأسرار.. هو الذي لفظته أزقة قريته لكثرة ما تسول الفرح فيها.. وانحنى نخيلها لفرط ما اتكأ عليه..