محمد سليمان العنقري
أعلنت شركة تداول عن شروط السوق الثانية التي يتوقع إطلاقها العام القادم, ورشح من أبرز تلك الاشتراطات رأس المال الأدنى وطرق التداول بالسوق وأهدافه الإيجابية على الاقتصاد وكذلك نسبة طرح رأس مال الشركة, ومرونة بالإفصاح أقل مما هو مطلوب بالسوق الحالي.
لكن كما يظهر من مجمل ما نشر بالإعلام نقلاً عن تداول أن المخاطر من المعايير والاشتراطات واردة بنسبة عالية ما لم يكن هناك تفصيلات توضح أنه أخذ بعين الاعتبار سد أي ثغرات تنظيمية تقلل من المخاطر، فأولها حجم رأس المال الذي ذكر بأن الحد الأدنى للطرح سيكون لشركات برأس مال «عشرة ملايين» ريال هنا لابد من الانتباه لأمر مهم جداً وهو أن مثل هذا الحجم يوفر فرصة لإدراج منشآت قائمة على التستر التجاري ويمكن بسهولة أن يكون رأس مالها عند الحد الأدنى, فالتستر ليس حكرًا على بقالات أو محلات صغيرة, بل متغلغل بمؤسسات تعمل بمجالات عديدة كالمقاولات أو تجارة التجزئة وموردين لأجهزة طبية, وكذلك أجهزة وقطع غيار كهربائية وتقنية والعديد من المجالات الخدمية وكثير منها لها زمن طويل تعمل بالسوق ومن السهل هيكلتها لتكون شركات بمواصفات مناسبة للسوق الثانية مما يوفر المجال لبيع حصص للمستثمرين بمبدأ التخارج وبذلك يستعيد المالك الحقيقي استثماره ويبقي على نسبة ملكية عالية يمكن أن يتخلص منها على مراحل فهل أعدت لوائح تساعد على منع تمرير منشآت قائمة على التستر بالسوق؟
المخاطر الأخرى تتمثل بمدى نجاح السوق واحتياج الاقتصاد له بالمرحلة الحالية ففكرة السوق بحد ذاتها ممتازة وسبق أن طالبنا بسوق لتداول المنشآت بطريقة تتيح نقل الملكيات لمستثمرين وشركات وصناديق استثمار مما يساعد على تحسين تقييم الأصول وحفظ الشركات العائلية من التفتت لكن حتى تنجح السوق الثانية هل أخذ بعين الاعتبار أن التوقيت مناسب كي تنجح السوق بأهدافها ودورها الإيجابي فالسوق الحالية تعاني من تراجع حاد بالتداولات ومع التغيرات الكبيرة بالاقتصاد المحلي والعالمي فإن النمو الاقتصادي تراجع بنسب كبيرة ولا يتوقع أن يصل النمو إلى 2 % بأحسن الأحوال هذا العام نزولا من متوسط 5.5 % استمر لسنوات طويلة مما يعني أن الإقبال على الفرص بالسوق لن يكون سهلا وكذلك تحتاج الأسواق لدينا لوضوح أكثر بمستقبل النمو بالسنوات القادمة حتى تعود عجلة الاستثمار للدوران ويكفي أن نذكر الإخوة في تداول بحال سوق الصكوك الذي أطلق من سنوات دون أي فاعلية تذكر، فالأفكار والمنتجات والقنوات الجيدة تفقد زخمها إذا طرحت أو تأسست بأوقات غير ملائمة.
لا خلاف على أهمية فتح أسواق جديدة بمواصفات مختلفة عن بعضها لتوفر قنوات تمويلية لمختلف شرائح قطاع الأعمال وكذلك الفرص للمستثمرين لكن لابد من وضع بعض الحسابات الكبرى الشاملة لكل جوانب الاقتصاد حتى يكون للسوق الدور المطلوب من إنشائه وينعكس بإيجابية دون خلل جوهري قد يظهر مستقبلاً يحد من أهمية وفوائد هذا السوق المهم لتنشيط الحركة الاستثمارية والتمويلية للشركات الصغيرة والمتوسطة.