د. حامد بن مالح الشمري
يدرك الجميع ما يمثله السكن من أولوية مطلقة لدى المواطن السعودي وخصوصاً شريحة الشباب لتوفير حياة أسرية كريمة لهم في مقتبل حياتهم يساعدهم على الاستقرار الاجتماعي والأسري والوظيفي، ولا شك أن الإسكان يعد أحد أهم البرامج التنموية ذات أبعاد متعددة ولها تأثيراتها الإيجابية والسلبية على المجتمع والفرد من شأنه توفير بيئة أمنه ومنتجه للأفراد والمجتمعات.
ولعل مشكلة السكن لدينا أصبحت تراكمية بسبب عدم إيجاد الحلول العملية والتنظيمية المبنية على التشخيص الدقيق لإبعاد وطبيعة المشكلة للحصول على السكن المناسب، وما يقدم بين الوقت والآخر من برامج من قبل وزارة الإسكان هي في واقع الأمر برامج وحلول تتسم بالبطء والضبابية ولا تتفق مع حجم المشكلة وتزايدها لمواجهة الزيادة الكبيرة على طلب السكن والذي يعد انعكاس إيجابي على فتح وتحريك قطاع المقاولات وتجار مواد البناء والكهرباء في ظل توقعات بانخفاض سعر الأراضي تمكن المواطن من الحصول على الأرض، وما ينتج عن ذلك من خلق آلاف الوظائف لخريجي كليات الهندسة والكليات التقنية بكافة تخصصاتها وارتفاع نسبة السكان وكذلك الدخل العام للفرد في ظل تنامي التطور في مختلف مجالات الحياة وبالتالي يصبح الإسكان أحد أهم مكونات التنمية الشاملة.
هناك مئات المخططات المعتمدة لمنح الأمانات والبلديات وفرة عشرات آلاف القطع السكنية تم توزيعها على المواطنين منذ عشرات السنين ولكنها بدون الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والإسفلت وبقيت على حالها دون استفادة المواطن منها والكثير منهم ينتظر دوره على قوائم الانتظار لدى الصندوق العقاري منذ أكثر من عشرين عاماً، وأسباب المشكلة معروفة فمتى حصل المواطن على القرض فإن مشكلته حلت بنسبه تصل إلى 70% مع ما يتم اعتماده لمشاريع توفير الخدمات الأساسية للمخطط السكني من كهرباء وسفلتة، أما توفير الماء وأعزكم الله الصرف الصحي فإنّ الأمر ليس بذلك الصعوبة، حيث جميع المنازل يتوفر بها خزانات و»بيارات» للصرف الصحي (لفترة مؤقتة) بالرغم من أهمية إيجاد حلول عاجلة وجذرية لربط المنازل بشبكة للصرف الصحي والاستغناء تماماً عن أسلوب سحب مياه الصرف الصحي بالوايتات (منظر غير حضاري ) والقضاء على طفح الصرف الصحي وما تسببه من مشاكل صحية وبيئية.
مطلوب حلول وبدائل عملية لأساس المشكلة تمكن المواطن من تملك مساكن لائقة وبتكاليف وأسعار منافسة وفق نماذج وأساليب جديدة توفرها الوزارة من خلال حصوله على قرض من الصندوق العقاري معجل أو مع البنوك وفق تسهيلات تتيح للمواطن الحصول على قرض لشراء مسكن وبأقساط مريحة تحقق احتياج المواطن السعودي وأسرته، مع الأخذ في الاعتبار راتب الموظف أو المتقاعد في احتساب مبلغ القسط والفائدة. يجب أن يصبح لدينا معدل سنوي بعدد الوحدات السكنية المتحققة وفي نفس الوقت خفض كبير بأعداد المتقدمين والمنتظرين على قوائم الانتظار سواء من خلال الوحدات الجاهزة أو التمويل أو القروض المعجلة أو الصندوق العقاري مع ضرورة تنويع طرق وأساليب الدعم السكني المقدم من القطاعين الخاص والعام والحرص على استجلاء رغبات واحتياجات المواطن عن نوعية السكن المناسب وبحيث لا يفرض تصميم معين على المواطن وبحيث يكونوا شركاء في تشخيص المشكلة وحلولها، مع أهمية تقييم واقع الإسكانات المسلمة للمواطنين في بعض مناطق المملكة من حيث مناسبتها للأسرة السعودية وهل حققت الأهداف المرجوة ومدى رضى الساكنين عنها ونوع التحسين المطلوب. ربما نحتاج إلى إعادة نظر فيما خصص من مبالغ كبيرة لبناء آلاف الوحدات السكنية أو ما هو مخصص لتطوير المواقع المسلمة لوزارة الإسكان، وبحيث يخصص جزء كبير من هذه المبالغ لدعم الصندوق العقاري ودعم الأمانات والبلديات في توفير الخدمات الأساسية لمخططات المنح التي لا تتوفر فيها تلك الخدمات حتى تصبح مهيئة من أمام المواطنين للبناء وهو ما يتطلب إيجاد آلية وتنسيق بين كل من وزارة المالية ووزارة الإسكان ووزارة الشؤون البلدية لتنفيذ مشاريع البنية التحتية لمخططات المنح كمرحلة أولى تخضع للتقييم والتطوير حول مستوى الإنجاز.
هناك الكثير من الإسكانات الخيرية ومنها ما هو تحت مظلة الشؤون الاجتماعية سابقاً وأصبحت الآن في وضع متهالك لعدم وجود من يتعاهدها بالصيانة والترميم مما يتطلب إيجاد آلية وتنسيق وتنظيم بين وزارة الإسكان ووزارة الشؤون الاجتماعية والجهات الخيرية الراغبة في بناء وحدات سكنية للمحتاجين، وكذلك إنشاء صندوق مالي لصيانة تلك الإسكانات وأيضاً توفير وحدات مستأجرة للحالات الخاصة والفئات المحتاجة الطارئة. مطلوب أن تتضمن خطط وإستراجيات الإسكان إعطاء الأولوية لمحدودي ومتوسطي الدخل وتقديم التسهيلات المناسبة لهم من الوزارة والبنوك والصناديق بما في ذلك شريحة المتقاعدين.