سميرة مدني
كثيراً ما نسمع مقولة أن الغرب مسلمون بلا إسلام، أي أنهم يتخلَّقون بأخلاق الإسلام لكنهم لا يعتنقون الدين الإسلامي، ولا يمر حديث عن الغرب بين مجموعة من العرب إلا ويستشهدون بمقولة الغرب مسلمون بلا إسلام، ويسهبون في مدح أخلاقهم وصدقهم وإنسانيتهم وحبهم للخير وكأنهم يتبعون تعاليم الدين الإسلامي الحنيف التي تركها الكثير من المسلمين وابتعدوا عنها حتى دبَّ بينهم الفساد وتردت الأخلاق وندر الصدق وأصبح السواد الأعظم منهم يعتنق الإسلام لكنه لا يتخلَّق بأخلاق المسلم التي أتت بها الشريعة الإسلامية السمحة، مقولة أن الغرب مسلمون بلا إسلام تعتبر إقراراً واعترافاً وإدانة من قبلنا بأن بعض مجتمعاتنا الإسلامية تفتقد إلى الأخلاق والمعاملة التي نصّت عليها النصوص الإسلامية والتي تعمل بها المجتمعات الغربية غير المسلمة، هذا الاعتراف بتفوّق الغرب علينا أخلاقياً يأخذنا إلى موضوع مهم جداً يخص نظرتنا للغرب التي يشوبها التناقض وعدم الإنصاف وقبل ذلك عدم الاحترام، نعم، نحن نقلِّل من شأن الغرب ونزدريه عبر خطابنا الاجتماعي وحتى خطابنا الإعلامي، ننظر إليه بنصف عين، ونحذر من غزوه الفكري لنا، وما إن يذهب أحد شبابنا إلى الغرب إلا ويصاب بصدمة حضارية، حيث ينتقل من مجتمع من مجتمعات العالم الثالث إلى مجتمع من مجتمعات العالم الأول، وهذا الفارق الحضاري والمسافة الكبيرة بين المجتمعين هي التي تسبب إلى لأبنائنا الصدمة الحضارية التي تكاد تكون في أغلب حالاتها مدمرة. إن خطابات الإقصاء يمنة ويسرة في مجتمعنا العربي وانتشارها بشكل رهيب أفقد الأجيال تركيزها وعقلانيتها وأنساها الحكمة التي يجب أن تتحلَّى بها عند الحكم على شعوب الأمم الأخرى، إننا بحاجة ماسة إلى إعادة تقييم خطابنا عن الغرب الذي نخاطب به الداخل من جيل الشباب للقضاء على الصدمة الحضارية التي أفقدتنا قدرات وعقول شباب كثر كان بالإمكان الاستفادة منهم بشكل أكبر يعود على مجتمعنا العربي بالنفع والنمو على أساس علمي ودقيق لا مجال للاجتهاد فيه كما يحدث الآن من العمل بالاجتهاد والحدس الشخصي بأمور حساسة تخص مجتمعنا، طالما أننا متفقون أن الغرب مسلمون بلا إسلام، لماذا لا نتعامل معهم باحترام ونوقف خطاب الإقصاء ضدهم وإن لم نستطع يجب أن نلغي مقولة الغرب مسلمون بلا إسلام!