عمر إبراهيم الرشيد
يروي الأديب السعودي الراحل محمد حسين زيدان أنه وقبل عدة عقود من الزمن وصل وفد مصري إلى المملكة حاجاً أو زائراً للديار المقدسة، وكان من بينهم كتّاب ومفكرون وأساتذة من أرض الكنانة المنجبة للعقول والآداب كشأنها دائماً. فما إن سمع الأديب السعودي بمقدم هذا الوفد حتى حث الخطى للقائهم، وكانوا في المدينة المنورة زائرين لإحدى مدارسها، وحين وصل إليهم تحيّن الفرصة حتى قام وارتجل كلمة رحب فيها بزيارتهم، مشيداً بدورهم في التعليم والثقافة في الوطن العربي ومنها المملكة. بعد أن أنهى محمد حسين زيدان كلمته قام كاتب له مكانته وقلمه التنويري في الوطن العربي على امتداده ذلك هو أحمد أمين صاحب كتاب (فيض الخاطر) و(فجر الإسلام) وغيرهما من المؤلفات التي أسست المكتبة العربية الحديثة، وارتجل بدوره كلمة رداً على كلمة محمد حسين زيدان، فقال: بل أنتم أهل الفضل والرسالة الذين حملتم مشاعل النور والوحي إلى خارج الجزيرة العربية، وأنتم منبع العروبة وأصلها، قال ذلك وعيناه تفيضان بالدمع حباً صادقاً من عربي مسلم وفد إلى مهبط الوحي ودار العرب.
نسمع ونشاهد بين الحين والآخر وليس ذلك بالغريب أو الجديد محاولات للنيل من هذه البلاد شتماً وقذفاً إما بلي للحقائق أو بانتهاز حادث فردي وتعميمه على السعوديين وسكان الجزيرة العربية. حتى ظهر هذه الأيام من يعد كاتباً وروائياً كان له تقديره من الناحية الأدبية والبحث التاريخي الرصين، إنما بعض الحوادث تظهر معادن البشر على حقيقتها، فأخذ يشكك بانتماء سكان الجزيرة العربية إلى عروبتهم ولغتهم وإسهامهم في التاريخ والتراث واللغة، ووصفهم بأنهم سرَّاق إبل لا أكثر، مطالباً الحضور ممن كانوا يستمعون إلى محاضرته بإعطائه عالماً واحداً من وسط الجزيرة في اللغة العربية. هل نسي امرؤ القيس النجدي، أم طرفة بن العبد، أو زهير بن أبي سلمى المزني وغيره من أصحاب المعلقات؟! وللحديث بقية.