عبد الله باخشوين
.. في رثاء مالك بن الريب لنفسه.. تجد بعض ما يصلح لأن يكون من تلك الخصائص التى يرثى بها ((الشعر)) نفسه:
- فَيا صاحِبي رَحلي دَنا المَوتُ فَاِنزِلا
بِرابِيَةٍ إِنّي مُقيمٌ لَيالِيا
- وَقوما إِذا ما اِستُلَّ روحي فَهَيِّئا
لِيَ السّدرَ وَالأَكفانَ عِندَ فَنائِيا
- وَلا تَحسداني بارَكَ اللَّهُ فيكُما
مِنَ الأَرضِ ذاتَ العَرضِ أَن توسِعا لِيا
- خُذاني فَجُرّاني بِثَوبي إِلَيكُما
فَقَد كُنتُ قَبلَ اليَومِ صَعباً قيادِيا
وموت الشعر.. مستقبل الشعر.. كان المرحوم الأستاذ الكبير عابد خزندار قد هجس به في كتابه الصادر عام 1997 عن المكتب المصري الحديث.. حيث يقول : (( مستقبل الشعر أو موت الشعر.. لا يخرجنا عن الحديث عن جماليات الشعر التقليدية، لأن ذلك هو المدخل إلى الحديث عن موت الشعر.. لأننا نجد أن الجماليات تختفي لتحل محلها الجماليات السلبية التي هي نقيض الجماليات التقليدية)).
أما الشاعر البحريني الكبير قاسم حداد في مداخلة له بعنوان ((هل ماتت القصيدة في زمن الرواية؟)) فيقول: ((موت الشعر تعبير بالغ الضراوة مع أكثر الكينونات جمالاً وألفة وهشاشة.. فمن يا ترى يرغب في حضور جنازة الشعر..؟ شخصياً لا أرغب في ذلك.. لقد سئمت الجنازات.. خصوصاً إذا كانت جنازتي، فموت الشعر يعني أنني غير موجود)).
وفي مقال للروائي واسيني الأعرج.. نشرته جريدة المدينة في 17-03-2016 بعنوان: ((موت الشعر.. نهاية الإنسان)) يقول الروائي المبدع: ((عندما يغلق الشعر نوافذه وابوابه يكون الإنسان قد انتهى وربما قد مات.. فمعاناة الشعر ليست حالة افتراضية لكنها حقيقية.. الأمر الذي دفع بالكثير من الشعراء إلى تجريب أجناس أخرى بوصفها المنقذ للكتابة وليس الشعر، لأن الهروب نحو الرواية الذي أصبح ظاهرة, هو تأكيد على بدء موت هذا الجنس))، ويضيف قائلاً: ((لقد تناقص عدد قراء الشعر حتى أصبح من الصعب على الشاعر بيع مائة نسخة من ديوانه.. إلا فيما ندر.. حتى دور النشر العربية أصبحت تتضايق من الشعر في ظل غياب أو موت الشاعر الجماهيري)).
وفي تغطية صحيفة ((الحياة)) لمعرض الكتاب في ((الدار البيضاء)).. قالت: ((كان أبرز نشاطات المعرض ندوة خلصت إلى القول بموت الشعر ونقده، شارك فيها النقاد: صبحي الحديدي وعيسى بوحمالة ومحمد بوديك في 26-02-2016 ويقول الكاتب الصحفي صلاح حسن نقلاً عن الناقد بوحمالة: ((انتهينا إلى نوع من الانحدار الشعري.. كل يكتب وفق ما يشاء ومن منطلقات خاصة في غياب الأخلاقية العالية التي لازمت الكتابة الشعرية )).
هذا بعض ما جاء عن موت الشعر العربي دون تعليق مني، فقد سبق أن نشرت هنا مقالاً بعنوان ((الشعر ونقد الواقع))، قلت فيه بعض ما قاله كثير ممن هم أكبر مني قدراً وأرفع شأناً فيما يتعلق بيقين موت الشعر، والذي يستحق منا ان نرثيه بما هو أكثر مما اقتطفناه من أبيات للشاعر مالك بن الريب في مطلع المقال، والتي ربما من الأنسب أن نختتم الحديث ببعضها أيضاً حيث يقول:
- أقيما عَلَيَّ اليَومَ أَو بَعضَ لَيلَةٍ
وَلا تُعجلاني قَد تَبَيَّنَ شانِيا
- وَخُطّا بِأَطرافِ الأَسِنَّةِ مَضجَعي
وَرُدّا عَلى عَينَيَّ فَضلَ ردائِيا