ثمة شيء ملفت للنظر، يسترعي الانتباه، ويستدعي التأمل، بل ويجب الإشارة إليه، منها تلك القراءة الواعية التي صافحنا بها رئيس تحرير صحيفة الجزيرة الأستاذ خالد بن حمد المالك عبر افتتاحية صحيفة الجزيرة بمقاله الموسوم «هموم لا أوهام» الذي نشر يوم السبت 6 رمضان 1437هـ الموافق 11 يونيو 2016م بالعدد رقم (15962) الذي أطل علينا فيها متدثراً برداء الحرف، متوشحاً شال الكلمة؛ بغية تكوين فكر وتصورات وعلاقات بالغة الأهمية، يتم من خلالها استخلاص الدواء الناجع، والعقار النافع، وتحقيق التوازن بين ما نحسّه نحن من مؤثرات وطنية وتاريخية، وبين ما نستجيب له من ردود فعل مضادة لهذه المؤثرات الفعالة، يبحث في بقاع أوسع، ويغور في بحار أعم وأشمل، مما يقود إلى ترادف وتواتر واندياح نطاق الفائدة والتحصيل العام.
لقد حاول رئيس تحرير صحيفة الجزيرة الأستاذ خالد بن حمد المالك في تلك المحطة المتقطعة وداً ومحبة من رقعة هذا الصرح العامر (أعني به صحيفة الجزيرة) أن يسلط مجاهير الضوء المكبر صوب زاوية ما يجري حولنا من سطوة نوايا القوى العظمى في منطقتنا وسعيها في التصدع والمردودات والغنائم، وكانت قراءة هي بحد ذاتها قناديل بالجة، ومشاعر متوهجة.
«كل ذي نعمة محسود» هذا مثل صادق وهو كغيره من الأمثال العربية وضعها أناس حكماء خبروا الحياة التي عركتهم، فجاءت أمثالهم تجسد الحقيقة المنطبقة على المواقف التي تمر بالإنسان والشعوب في هذه الحياة.. ولكل شعب أمثاله الخاصة التي شخّصت وتشخص الواقع.. وهذا المثل ينطبق على واقعنا في هذا الوطن الأشم.. فهذا الوطن الذي أسّسه المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيّب الله ثراه- من خلال توحيد معظم أرجاء جزيرة العرب محققاً بذلك أول وحدة لجزء لا يستهان به من أرض العرب.. والوحدة هي حلم كل عربي كما هو معروف منذ بداية الاستقلال في منتصف القرن العشرين إلا أن أمتنا فشلت في تحقيق حلمها فيما عدا ما نجح فيه صقر الجزيرة العربية الملك المؤسس، الذي أسّس وطناً قوياً قوامه النهضة والاستقرار التي نراها اليوم على أرض الواقع في المملكة العربية السعودية.
وليس من شك فإن نجاح واستقرار المملكة أثار حقد وحسد الحاقدين والحاسدين فباتوا يستهدفون هذا الرخاء والازدهار اللذين تعيشهما المملكة.
وقد عبَّر عنه الأستاذ خالد المالك بقوله: «فما يجري في منطقتنا خطير، ولا يمكن تفسيره دون وجل وخوف، ولا يمكن فهمه بما يقال لنا من كلام معسول، ومن تأكيدات الغير بعدم وجود علاقة أو ارتباط بما نعتقد أنه يدبر لنا في ليل، وأياً كانت المسكنات فلا قيمة لها، أمام وعينا، وقدرتنا على تفكيك ما يقال لنا متى كانت استنتاجاتنا تتم عن علم ومعرفة نمتلكهما».
لقد كانت هواية اللعب بالنار وإشعال الحرائق الانتقامية تأتي من مصدرين: إما أن تكون «لعبة صبيانية» يأتيها غير الراشدين وغير المدركين لعواقبها، وأما أنها رغبة إجرامية يقوم بها عتاة المجرمين لإخفاء معالم الجريمة التي ارتكبوها.. هذا ما كان يحدث.. ولكن في عصرنا الحاضر وفي عالمنا الثالث أصبحت هذه اللعبة تقوم بها القوى الدولية الكبرى، التي من المفروض أنها بعيدة عن صفة «الصبيانية» والطيش، وعن صفة «الإجرام» والانتقام.. ومع ذلك فهي في كل يوم تشعل حريقاً في مكان «ما» من هذا العالم. وتضرم صراعاً عاتياً بين دوله وشعوبه! التي لا تكاد تطفأ حريق في موقع حتى يشب حريق آخر بديل في موقع آخر وبفعل فاعل!.
وما تكاد هذه الشعوب المنكوبة تخمد صراعاً معيناً، حتى يشتعل صراع آخر بين أطرافها، وبفعل فاعل أيضاً!..
في رؤية الأستاذ خالد المالك -وفقه الله- وقفة هامة ينبغي أن تستقطب اهتمام مواطني هذا الوطن الكريم، وذلك لعمق التوجيه فيها إلى ما ينبغي أن يقوموا به من دور هام في هذه المرحلة بالذات التي يتجه فيها من حولنا في منطقتنا للعديد من المتغيرات والسريعة في ركضها بشكل متلاطم ومغاير ومجنون. فكان تركيز سعادته على أهمية تفويت الفرصة على أعداء هذا الوطن، وأهمية وضرورة تماسك الجبهة الداخلية، والبعد عن أي شيء يؤدي إلى اختراقها من الخارج، وتثمين كل منجز يتحقق والمحافظة عليه، واعتباره نقطة إيجابية في الطريق الطويل لأمن دولنا، وإن تطلب أي موقف نقداً فيجب أن يكون إيجابياً، وهدفه الإصلاح وتحسين الصورة، والإكثار من المنجزات الجديدة، بجهد جماعي مشترك.
نقاط كبيرة وهامة أضاءها مقال كاتبنا الوطني (خالد المالك)، أعطت للحدث وخيوطه الدقيقة رؤية خاصة، تتجاوز الصورة والإطار إلى الجزئيات الدقيقة التي تكون الصورة الكبيرة وإطارها.
ولا يحتاج المواطن الذي عرف قائده ورمزه والمتلمس هموم أمته ووطنه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -ألبسه لباس الصحة والعافية- إلى مزيد من الوقت ليعرف كيف يفكر؟!؛ إذْ كانت قراراته -أيده الله- نقطة تحول كبيرة غيّرت مسار الحدث وأبعاده.. وزمنه الافتراضي.. وحرقت أوراق اللعبة. وفوتت الفرصة لاستثمار الغبي لنزهة الشر.. وصلف القوة الجاهلة.
وجاء تأكيد كاتبنا الكبير، الذي طوَّق المؤامرة ورصد إيقاعها ووضع الاستراتيجية وخياراتها، فقال: «فما يجري في منطقتنا خطير، ولا يمكن تفسيره دون وجل وخوف، ولا يمكن فهمه بما يقال لنا من كلام معسول، ومن تأكيدات الغير بعدم وجود علاقة أو ارتباط بما نعتقد أنه يدبر لنا في ليل، وأياً كانت المسكنات فلا قيمة لها، أمام وعينا، وقدرتنا على تفكيك ما يقال لنا متى كانت استنتاجاتنا تتم عن علم ومعرفة نمتلكهما».
لقد نبَّه الكاتب في ظل الرؤية السعودية 3030 إلى أن: «همومنا إذاً جزء من وعينا، ويجب أن تكون كذلك، وهواجسنا تأتي من قدرتنا على اكتشاف المجهول الذي يدبر لنا، والأهم في ذلك أن نحولها إلى برنامج عمل أمني وسياسي واجتماعي لتمر العاصفة دون أن تصيب أحداً منا، وأن نتعامل معها بوعي وحكمة؛ لنتجنب أي خسارة قد تحدث، وإن حدثت فلتكن في المستوى الأدنى والأقل، ومن دون أن يكون لها التأثير الذي نخشاه».
ونحسب أنَّ الهدف الذي ألمح له في ختام مقاله.. يعتبر: خطة ثقة للوطن التي تعطي للموقف الصعب المساحة التي يستحقها.. والزمن الذي لا يغامر فيه بردة الفعل.. فقال: «مع أنني على يقين بأننا جاهزون لكل الاحتمالات، ومستعدون لإفشال أي مخطط شرير يتربص بنا، مهما كان هناك من غموض».. حاضراً ومستقبلاً وماضياً.
إنّنا نؤكِّدُ جميعاً لقيادتنا الرشيدة -أعزها الله- ونحن على سفينة هذا الوطن الشّماء على أنّنا في مستوى هذه المسؤولية التاريخية، وسنكون معها قلباً وقالباً في ظل المُؤامرات التي تحاك لإغراقها.
إنَّ هذا الوطنَ يا أبا بشَّار -أسعدك الله- يستحق الدفاع عنه؛ فهي الأرض التي صهرها الإيمان وطهَّرها، ولوَّى الله نحوها أعناق العالمين، وأذلّ جباههم لعزته، ومن أجل هذا -كله وسواه- سيكون هذا الوطن حصناً منيعاً، وسياجاً تحرسه العناية الإلهية بالسواعد والأفئدة، والصدور والأعناق!.
ختاماً: أتمنى من الله العلي الجليل، أن يكلل الجهود بما يخدم وطننا وأمتنا الإسلامية والعربية، ويثري ساحتنا الإعلامية، وينمي المحصلة الوطنية المنشودة، وأن يحفظ هذا الوطن وأن يديم عزه وأمنه وكرامته، ويبارك لنا في ولي أمرنا قائد هذه المنطقة الملتهبة من العالم، وسمو ولي عهده الأمين، وسمو ولي ولي العهد، ويجعلهم من أسعد خلقه أجمعين.
محمد بن عبدالله آل شملان - مدير العلاقات العامة والإعلام بإدارة التعليم بمحافظة وادي الدواسر