ناصر الصِرامي
من جميل الأقدار أن انطلقت في الصحافة مبكرا، وتحديدا مع مرحلة الدراسة الثانوية.
أتذكر حينها النشوة مع أول موضوع صحفي وأنا أدخل البيت بنسخة مبكرة من جريدة الرياض حينها، 1990, في أول مرة ينشر فيها اسمي في مقدمة الخبر.
وأول موضوع نشر بجريدة الرياض حينها، كان موافقة على انضمامي لقسم المتعاونين بالجريدة، ثم انطلاقي في مجال التحقيقات الصحفية والمهنة..!
طبعاً لم تكن هذه المرة الأولى، لكن هذه المرة الأولى التي نشر فيها اسمي بالشكل الصحيح، أول مشاركة في صفحة الخواطر بجريدة عكاظ، فرحت باستحقاق الخاطرة للنشر، وأزعجني الخطأ المطبعي بالاسم، لذا لم أشارك أو أطلع أحداً على الموضوع.. ولا مجال لتصحيحه.. ولا نسخ إلكترونية حينها يمكن أن تتدارك أو تصوب!
والحديث هنا ليس لاستعراض سيرة شخصية مبكرة أو متأخرة، لكنني أجد التجربة الشخصية مدخلاً للحديث عن حجم التحولات المهنية والفنية في عالم الصحافة والإعلام وحتى الإعلان.. اليوم.
في تلك البدايات لم تكن الإنترنت حاضرة، اليوم لا يمكننا أن نتخيل عملنا أو حتى كتابة مقال مثل هذا على جهاز متنقل مرتبط بالعالم، يتيح لنا كل المعلومات التي نرغب أو قد نحتاج إليها في أي وقت أو لحظة، وهذا الكم الهائل الذي لا يمكن لنا متابعاته أو حتى استمرار التواصل مع تحديثاته.
في أغسطس الجاري يكون قد مر على الإنترنت 25 عاماً أيضا، يالها من مصادفة تاريخية جميلة على المستوى الشخصي!
عندما اخترت التخلي عن تخصصي العلمي بعد التخرج من نظام التعليم المتطور الذي قسم العلمي حينها إلى فيزياء ورياضات، وكيمياء وأحياء- والأخيرة كانت تخصصي، كان إغراء الإعلام أقرب وأكثر تأثيراً، كان خياري للدراسة الجامعية وما بعدها وصولاً لـ»الإعلان» في دراسة الدكتورة اليوم..!
تحولات مهم في محطات متفاوتة، بداية منذ أن كان القلم والأوراق الصفراء أو البيضاء.
وصفحة توضع بالعرض مع أي خبر أو تحقيق هي العنوان، وإلى جانبها اسم الكاتب.. والكثير من علامات التعجب!، وتلك البدايات المهنية البسيطة المعطرة برائحة الحبر المختلط برائحة الطباعة..!
بعد دخوله الصحافة بثلاث سنوات تحديدا حصلت على أول كمبيوتر شخصي مجمع بأقل الأسعار والأقساط، كانت «فزعة» جميلة من الزميل المرحوم محمد أباحسين، الذي رأس تحرير هذه الصحيفة العريقة لفترة قصيرة.. مصادفة جميلة أخرى!
ذلك الجهاز غير الكثير، والكثير في مسيرة شخصية، كما غير بالمجمل، الكثير والمثير منذ دخوله وانتشاره واقتحامه لصناعة الإعلام، كما كل تفاصيل حياتنا اليومية.
تغيرت الطريقة التي يعمل به الإعلام، ورغم أن فصل القلم عن الصحافة كان أقرب لعملية سيامية معقدة، إلا أن العملية نجحت بعد عقد على الأقل.
بعد أقل من عقد كنت وصلت إلى الولايات المتحدة الأمريكية، كانت الإنترنت في توهجها، وكانت فرصة أو صدفة جميلة مجددا للإمساك بعالم جديد.. خيال أو رؤية جميلة للمستقبل. انبعاث الشبكة العالمية وتغيرها للعالم، وتحديدا هنا لصناعة الإعلام بكل تفاصيلها، والأهم محتواها كانت والزال حاضر ومدون لها.
التحولات كما التحديات التقنية ستستمر بوتيرة أسرع.. وستبقى الصحافة قائمة حتى وإن أخذ الورق في التلاشي... وللقصة بقية...