د. عبدالواحد الحميد
أحسَنَتْ الجهاتُ الأمنية صنعاً عندما ألقت القبض على شخص ظهر في شريط فيديو عندما كان يعتدي بالضرب وبالألفاظ الجارحة على عامل ارتكب خطأ في مطعم بإحدى مناطق المملكة.
بعض الناس عندنا يظن أنه يستطيع أن يحاكم الآخرين ويصدر عليهم الأحكام وينفذ بنفسه تلك الأحكام، وبخاصة إذا كان المتهم وافداً من شريحة العمالة البسيطة الضعيفة.
نحن لا نقول إن هذه العمالة لا ترتكب الأخطاء، ولا نقول إن أخطاءها في بعض الأحيان ليست جسيمة، لكن لا أحد يحق له إصدار الأحكام إلا الجهات الرسمية ذات الاختصاص، كما أن تنفيذ الأحكام هو من اختصاص جهات تنفيذية رسمية ولا يجوز أبداً أن يتجرأ أحد على النظام فيمارس دور جهات التحقيق والقضاء والتنفيذ.
نعم بعض المخالفات التي تقع فيها العمالة الوافدة ويقع فيها أي إنسان سواء كان مواطناً أو مقيماً قد تكون جسيمة، لكن ذلك لا يبرر لأحد انتزاع القانون بنفسه وتطبيقه حسب رؤيته واجتهاده وإلا تحول المجتمع إلى غابة وأصبح سلوك أفراد ذلك المجتمع تحكمه روح الانتقام الشخصي والغرائز البدائية التي يفترض ان المسيرة البشرية تجاوزتها منذ آلاف السنين.
هذا لا يجوز سواء كان المتهم مواطناً أو غير مواطن، ولكن عندما يكون غير مواطن فإن الأمر يتجاوز العلاقة بين شخصين إلى علاقة بين مجتمعين وربما حكومتين. بل إن المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان ترصد مثل تلك المخالفات وتنشرها مما يسيء إلى سمعة البلد وإلى الثقافة الاجتماعية السائدة فيه. وقد رأينا كيف أن بعض التجاوزات التي ارتكبها أشخاص سعوديون بحق بعض العاملات المنزليات أدت إلى امتناع بعض البلدان التي كنا نستقدم منها تلك العمالة عن الاستمرار في إرسال عمالتها إلى المملكة.
والأهم من ذلك أن مثل هذا التصرف يتناقض مع قيمنا الدينية ومع السلوك الإنساني القويم، لذلك فإن ما قامت به الجهات الأمنية هو الإجراء الصحيح وإذا أظهرت المحاكمة العادلة العقاب المستحق على أي من الطرفين فإن الأجهزة التنفيذية الرسمية هي وحدها التي سوف توقع العقاب وليس أحد سواها.