د.دلال بنت مخلد الحربي
تعد الوثائق مصدراً أساسياً لدراسة التاريخ لما تحتوي عليه من معلومات أصيلة موثقة ذات صدقية عالية لا تتوافر في أي مصدر آخر، ومن ثم كان الاهتمام بالوثيقة عالياً في مختلف أنحاء العالم فتأسست مراكز الوثائق الوطنية لتكون ذاكرة الأمة تحفظ الأوراق الرسمية للدولة، وهذا معروف في كل دول العالم من اليابان إلى الولايات المتحدة الأمريكية مروراً بدول مثل تركيا ومصر والسودان وغيرها من الدول التي تملك مؤسسات لحفظ الوثائق.
ومن خلال تجربة خاصة بي فإن الأرشيف الوطني البريطاني يعد نموذجاً راقياً ومتقدماًً جداً في التعامل مع الوثيقة وتوفير استخدامها للباحث حيث إن كل الوثائق مفهرسة ومنظمة وفق أسلوب فني مستخدم في هذا المجال، وعلى نحو ييسر الاطلاع عليها فور طلبها وعبر نظام آلي متقدم..
عدة أيام قضيتها في رحاب الأرشيف الوطني البريطاني باحثة ومنقبة، مستمتعة بالتعامل المهني المميز وبالخدمات التي تسهل للباحث الوقوف على ما يريد دون عناء أو مشقة، ودون أن تكون هناك كلمات من مثل: محجوب، أو محدود الاطلاع، أو غير متاح، أو إعداد طلب مسبق، أو حتى واسطة أحياناً..
ولعل من المهم التوضيح أن هذه الوثائق بريطانية في غالبها وإن كان هناك مجموعة طيبة من وثائق عربية هي في الأصل مراسلات أو مكاتبات واردة من بلاد عربية تحصل عليها الأرشيف البريطاني وحفظت..
في كل مرة أشعر بحسرة لعدم المقدرة على الاطلاع على الوثائق المحلية المحفوظة داخل المملكة والمتناثرة في مكتبات ومؤسسات علمية، بعضها يبخل بها أو يضع العراقيل أمام طالبيها، وآخرون لم يعملوا على تهيئة هذه الوثائق على نحو يساعد على إتاحتها بل قد لا يعرفون ما لديهم من وثائق لعدم وجود متخصصين لديهم يقومون بتنظيمها وتهيئتها للاستخدام..
لا أعرف متى يأتي الوقت الذي يصبح لدينا أرشيفاًً وطنياً متاحاً كما هو حال الأرشيفات الوطنية في العالم وإلى ذلك الوقت يظل تاريخنا يعاني من نقص شديد في المادة العلمية لأن الوثيقة المحلية محجوبة أو محظورة أو مهملة.