خالد بن حمد المالك
يخالجني دائماً شعور متكرر بأن كل ما يثار عن المملكة من تكهنات حول مستقبلها اقتصادياً وتنموياً ومن تشكيك في الخطوات التي تتخذها القيادة العليا، إنما الهدف منه زرع اليأس والإحباط في نفوس المواطنين، إذ إن ما يقال في كثير منه لا يعدو أن يكون تخرصات ليست بريئة في إظهار المملكة على غير حقيقتها.
فمع انخفاض أسعار البترول بما يصل إلى النصف كان من الطبيعي أن تتأثر بعض البرامج والخطط، لكنه تأثر تم التعامل معه كما رأينا بواقعية وسرعة، ما جعل المملكة تحافظ على قدرتها في الحدِّ من التأثيرات السلبية، ومحاصرتها، وجعلها تحت السيطرة المفيدة، وبما لا تجعلنا أسرى لتقلبات أسعار البترول.
هناك حملة منظمة في الخارج تشكِّكُ في كلِّ الخطوات التي تمت، والإجراءات التي أُخِذَ بها، وهي لا تصدر عن محبة، أو حسن نية، أو تعاطف مع المملكة، ومن المؤسف أنها تجد قبولاً ورواجاً وتشجيعاً من فئة -وإن كانت قليلة- من المواطنين دون أن يدركوا خطورة تعميم هذه النظرة التشاؤمية عن الواقع الاقتصادي للمملكة.
ومع أن الأرقام تتحدث عن الواقع، وأن العمل الجدي المتسارع يؤكد ما لا مجال لإنكاره، من خلال استمرار الدولة في استكمال تنفيذ المشروعات العملاقة التي بُدِئ في إقامتها وتنفيذها في سنوات الطفرة الاقتصادية ولم تُستَكمل بعد، كتوسعة المسجد الحرام، ومترو الرياض، وشبكات المياه والمجاري والكهرباء، وبناء المدارس والجامعات والمستشفيات وغيرها، إلا أن هناك من يتغاضى ويتجاهل الحقائق، ويروج لما يتنافى مع الواقع.
نعم لا يمكن أن تكون المشروعات التي يتم تنفيذها الآن بذات الحجم كما هي في فترة الطفرة الاقتصادية، حين وصلت أسعار النفط إلى معدلات عالية، لكنها وإن بحجم أقل، وإن بدأت وتيرة سرعتها بما لا يقارن بما كان، إلا أنها تظل - ضمن خطوات مدروسة - تتماشى مع الظروف والمستجدات وتتناغم مع إيرادات المملكة، بما لا ينبغي أن نجعل أنفسنا في حالة تخوف أو قلق أو إحباط كما تصوره لنا مصادر الخارج.
الرؤية 2030 وبرنامج التحول الوطني 2020 يرسمان لنا المستقبل البهي المنتظر، وحين تُطَبَّق أيٌّ من مخرجات الرؤية، علينا أن نتوقع أثناء التنفيذ، بأن متغيرات ومراجعات قد تتم على بعض ما يتبين أهمية تعديله أو تصحيح مساره مما ورد في الرؤية أو في برنامج التحول الوطني المنبثق عنها، وأن ما يكتب على الورق ليس بالضرورة أن يُطَبَّق كله إذا ما تبين للمخططين والمسؤولين ما يستدعي إعادة النظر في شيء منه بالتعديل أو الإضافة أو صرف النظر عنه، ومن هنا تكون الثقة، ومن هنا يكون الإصرار على بلوغ النجاح، فلنكن في مستوى التفاؤل الذي يساعد على نجاح برامجنا ورؤانا الجديدة.