كتب - محمد المنيف:
قبل فترة أصدر معالي وزير التعليم د. أحمد بن محمد العيسى، قراراً بتخصيص أربع ساعات أسبوعياً لتنفيذ الأنشطة غير الصفية في المدارس، والبدء بتنفيذها بمدة ساعتين أسبوعياً مع بداية العام الدراسي القادم 1437 - 1438هـ، مع المطالبة بتحديد إطار زمني لهذه الفترة ووضع محتوى تنفيذها، على أن تتوافق مع مؤشرات الأداء المدرسي على أن يَتمَّ زيادة ساعات تنفيذها طردياً بمعدل ساعة واحدة لكل عام حتى اكتمالها.
كما تضمن القرار تمكين قائد وقائدة المدرسة من ممارسة الصلاحيات التي تحقق الشراكة المجتمعية مع القطاع الخاص وفق الأنظمة والتعليمات المعتمدة في هذا الشأن.
هذا القرار لم يتم اتخاذه إلا بقناعة تامة بأهمية هذا النشاط الذي كان له دور كبير في سنوات مضت قبل أن يساء استخدامه وتحويل أو إلغاء بعض الأنشطة المهمَّة فيه في كثير من المدارس فتسبب هذا التغيير أو التبديل غير المدروس لخدمه توجهات معينة، مما أدَّى إلى إيقافه رغم أهميته واعتباره بيئة منتجة للموهوبين في مختلف الإبداعات ومجال للنهوض بملكات الابتكار وتنشيطها عند الناشئة.
ميزات النشاط غير الصفي
قد يعتقد البعض أن إعادة النشاط غير الصفي غير مجدية في ظل وجود الأنشطة الصفية التي تمارس خلال الحصص لكل المواد الدراسية، إلا أن حقيقة النشاط غير الصفي تختلف تماماً عمّا سبق الإشارة إليه حيث يجد فيه الطالب فرصة لإثبات قدراته بحرية دون قيود أو ذوبان في مستويات بقية طلبة الصف الواحد، وذلك عبر اختياره للنشاط الذي يميل إليه ويجد فيه الاهتمام الكامل بموهبته مع ما يمنحه هذا النشاط من إضافة أنشطة أخرى جديدة تتوازى وتحقق الأهداف وتمنح الطالب فرصة التطوير.
هذه الحرية والخصوصية في هذا النشاط تهدف إلى تنمية قدرات الطالب على المشاركة الجماعية مع بقية زملائه من الصفوف الأخرى متحرراً بذلك من قيود المنهج الدراسي عند اختياره النشاط الذي يجد ما ينمي ويطور موهبته مؤطرا بالارتياح النفسي علمياً أو بدنياً أو ذهنياً من خلال مجتمع المدرسة المفتوح وبما يشعر فيه انه ضمن منظومة تتحرك وتتنافس بكل أريحية منطلقا في الاتجاهات، بناء على إعداد واثق الخطى في اختيار نشاطه بميل ذاتي، ليس فيه تدخل أو فرض يخالف رغباته. فمثل هذا النشاط يحقق للطالب فرصة استكشاف الذات التي تعينه على إكمال جوانب بناء شخصيته التي ستنعكس على حياته المستقبلية ممتلكا روح المسؤولية، التي تلقى من خلالها معرفة الفرق بين ما يوجه إليه وبين ما يؤمن به، وبين العبث والعمل المنظم الذي يصل من خلاله إلى النتائج الصحيحة، كما يمنح النشاط غير الصفي من خلال العمل المفتوح والجماعي بين طلاب جميع الصفوف، وكيفية التعامل مع المجاميع وتقبل المنافسة مع الآخرين لإعتاق الروح من الأنانية والإيمان بوجود الاختلاف في القدرات وأنه جزء من الكل، مذيبا بذلك رواسب المنافسة السلبية التي تخلف التعصب، والشعور بالتعالي على الآخرين، معمقا بذلك مهاراته في التعامل مع تلك المنافسة والاختلاف والبحث عن سبل التالف ونبذ الخلافات وإلغاء مبدأ التهميش، واستبدالها بتكريس روح الشراكة والمشاركة، من خلال أخلاقيات التعاون. كما يكرس النشاط غير الصفي عند الطالب القدرة على مواجهة ما يعيق تطلعاته وميوله عبر ما يمنحه له النشاط من تحمل المسؤولية في ما اختار وما انتقى.
أما الجانب الآخر الذي لا يقل أهمية عما سبق فهو في اكتساب الطالب مهارة الحوار، والجرأة في طرح الرأي وقبول الرأي الآخر من خلال النقاش مع من يشاركه نشاطه من طرح الأسئلة، والتشاور لاستخراج الإجابة عنها.
وبهذا التفاعل في النشاط غير الصفي يمكن خروج الطالب وبكل ثقة بقناعة أن تحقيق النجاح لا يتم إلا بالعمل المشترك أحد أهم سبل الإنجاز، مضيفا أن مثل هذا الجو النشط يمنحه التوازن نفسياً وذهنياً وبدنياً واجتماعياً.
كما يمنح النشاط حالة من تعزيز النفس خصوصا بعد كل نجاح مهما بدا بسيطاً ويشعر الطالب بالتصالح مع نفسه بانيا بها جسرا للتصالح الاجتماعي وإشاعة السلام في مجتمعه في مستقبل أيَّامه، من خلال مهارات التعامل مع حالات الرفض والقبول، مساهما بهذا في بناء الوطن عند دخوله معترك قضاياه الكبرى.
تنوع الأنشطة وفقاً للجديد
تتنوع الأنشطة طبقا لكل جديد يحدث في عالمها فإذا كنا نعرف سابقا أنها تختص بمجالات الصحافة المدرسية والمسرح، والتصوير، وأصدقاء البيئة، والفنون التشكيلية، والرياضة، والرحلات، وغيرها يقوم عليها متخصصون كلٌّ في مجاله فإنَّ تسارع سبل الإبداع وتعددها في هذا الزمن خصوصا ما يتعلق بفنون الكمبيوتر وبرامجه والإنترنت ومساحات تواصله العالمي مما يزيد أهمية احتواء الطالب وتوجيهه لما فيه نفعه ونفع وطنه تحت إشراف منظم يضمن نجاح الأهداف.
جمعية التشكيليين والأنشطة التعليمية
وتعد الأنشطة عموماً أو غير الصفية المختصة بالتربية الفنية التي تعد وتنفذ في مدارس التعليم العام من أهم مصادر إنتاج المواهب التشكيلية التي أصبحت الجمعية السعودية للفنون التشكيلية تعتمد عليهم لإثراء الساحة حققوا من خلال إبداعاتهم الكثير من المنافسات المحلية والدولية، فغالبية إن لم يكن جميع منسوبي الجمعية من المعلمين التشكيليين والطلبة الموهوبين، أصبحوا يحملون بطاقة العضوية التي تثبت مشاركتهم الرسمية في عالم هذا الفن وفي الثقافة الوطنية عامة، يستلهمون في لوحاتهم ومنحوتاتهم تراث الوطن ويشاركون في التعبير من خلالها عن الوطن وانتمائهم الكبير له وولائهم لمليكهم في إطار إسلامي، متمسكين بالقيم والتقاليد واحترام الذوق العام والارتقاء بذائقته.
تلقوا أبجديات هذا الفن في المدارس وتفاعلوا مع الأنشطة وأبدعوا وقدموا معارض لنتاج ورشهم مع ما تقوم به إدارات التعليم من خلال مراكز المواهب من تدريب وتطوير للقدرات؛ ما مكن جمعية التشكيليين من استمرار واستكمال الخطوات السابقة إلى مرحلة أكثر انتشارا واحتواء للمواهب الحريصة على أن تكمل طريقها لتصبح اسما وعلما في عالم الفنون التشكيلية.
من هذا المنطلق فقد سعدت الجمعية بعودة الأنشطة مع ما تم من تعاون مع القطاعات التعليمية الخاصة أو الحكومية لهذا الجانب خدمة لأبناء الوطن.
مشاركة فاعلة ومشرفة
من بين المواقف والتعاون بين الجمعية وقطاعات التعليم فقد كان للطلبة الموهوبين في معهد العاصمة النموذجي حضور مشرف في حفل إطلاق منصة الفنون في مقر الجمعية بالدور الأول من صالة الأمير فيصل بن فهد للفنون بمعهد العاصمة النموذجي التي دشنها الرئيس الفخري للجمعية صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن محمد بن سعود بن عبد العزيز الذي أشاد بإبداعاتهم وبدور مدرسي التربية الفنية بالمعهد.