أحمد فلمبان
إن الأعمال الفنية لدينا عبارة عن كومة من الركام مجهولة الهوية، لأنها غير مدونة في سجلات رسمية يمكن الرجوع إليها، تحمل رقما خاصا بها ومعلوماتها الأساسية وبياناتها التقنية والخامات والمواد المنفذة ومقاساتها وتاريخ إنتاجها وحالتها واثبات أصالتها ونموذج من توقيع الفنان المعتمد ووالخ، هذه البيانات المهمة والمطلوبة لأي عمل فني، وهذا الأجراء، مُتعارف عليه دولياً، الذي يمنح للعمل الفني الكيان القانوني والصفة الاعتبارية وحقوقه الفكرية وقيمته التاريخية والفنية ومرجعيته وتحميه من الاقتباس والاستنساخ والاستغلال، وللأسف هذا الأجراء غير موجود لدينا ولا يعرفه الفنانون ولا يعلمون مالهم وما عليهم وتضيع حقوقهم الفكرية والمادية، ومن هذا الاهتراء، بدأت ظاهرة نسخ أعمال الفنانين السعوديين، وخاصة المتوفين واستغلت بعض الصالات فرصة نسيانها في المشاركات وتركها لديهم دون علم ورثتهم، واحتفظوا بها وبيعها أو نسخها وإدخالها ضمن المشاريع الفنية والمقاولات التجارية، دون علم الورثة، لغياب الرقابة وسجلات توثيق الأعمال، ومن هذه الثغرة أيضا دخلت السوق السعودية الأعمال المستوردة المشكوك في أمرها، وتُباع لدينا بيسر وسهولة بدون وثائق رسمية معتمدة من بلد المنشأ، ويقع المقتني في فخ الأوراق المرفقة المفبركة من احد النقاد أو الفنانين المشهورين، لتسيب الوضع الفني في تلك الدول وقصور شديد في توثيق الأعمال الفنية، سواء للمتوفين أو الأحياء، وتقوم تلك الجهات والأفراد بتصدير الأعمال المقلدة، ومنها قامت ظاهرة المزادات وبيع الأعمال الفنية المشهورة والتي تشهد طلبا شديدا وخاصة للفنانين العرب المتوفين منهم، ومن خلالها تسللت الأعمال المزيفة يصعب اكتشافها، بدءًا من الألوان وصولا بنوع القماش والرائحة والمظهر وعوامل الزمن وبصمة وتوقيع الفنان، منفذة بأفضل تقنيات التزوير ومن ابرع المحترفين في تقليد اللوحات، متأكدين من غياب القوانين لدينا والخبراء لمعاينة الأعمال الفنية وعدم وجود الأجهزة لفحص اللوحات والمعامل المتخصصة لبيان «البصمة»، وفي اعتقادي أن معظم الأعمال المستوردة وخاصة المشهورة أو التي تُعرض في الصالات بمسميات مفخمة ودعاية تسويقية احترافية، تحوم حولها الشبهات، يجب الحذر منها، لأنها خطر قادم إلى الساحة التشكيلية المحلية وجرس إنذار للجميع، ضرورة الانتباه لها ووضعها تحت المراقبة وضمن قانون يحكم هذا ألأمر وربطها بحقوق الملكة الفكرية، فالمسؤولية تقع على أجهزة الجمارك لمنع دخول الأعمال المستوردة دون وثائق مصدقة من السفارات السعودية وجمعية التشكيل «جسفت» باعتبارها المسئولة عن هذا القطاع، بتفعيل مهمتها وأهدافها على حفظ الحقوق الفنية والفكرية والمادية للفنانين والمقتنين والمهتمين، وذلك، بوضع القوانين والمعايير وإيجاد قسم لفحص الأعمال وأجهزة أشعة فوق البنفسجية وكاميرات تعمل بالأشعة تحت الحمراء والفحص الطيفي والتكوين الكيميائي للألوان، كما هو الحال لدى الدوائر الفنية في الدول العريقة، قبل أن يسبقنا الزمن وفوات الأوان، ويصبح من العسير ضبط الأمور وتصبح ساحتنا التشكيلية مناخاً خصبًا للنصب والاحتيال، وضرورة توعية المقتنين والمستثمرين بعمليات الغش والاحترافية في التزوير والتزييف، حتى لا يقعوا في إشكالية ضياع حقوقهم وأموالهم، وفي هذا الحيز أطرح بعض الأفكار لجمعية التشكيل السعودية وهي ضمن أهدافها المعلنة، لتصحيح الوضع وحماية الفن السعودي ورعايته والعمل على نقاءه وتنمية الوعي الفني والعمل على حفظ الحقوق الفنية والفكرية والمادية للفنانين، وذلك (1) تفعيل المرسوم الملكي رقم م/ 41 وتاريخ 2-7-1424هـ بصدد الموافقة على نظام حقوق المؤلف وتطبيقه على الفن التشكيلي (2) إنشاء مركز معلومات وقاعدة بيانات وسجلات توثيق الأعمال الفنية السعودية وقسم للمواصفات والجودة النوعية لاعتماد مستندات الأعمال المستوردة (3) منع المزادات وعرض أو بيع أي عمل فني مستورد دون معاينتها مخبريا والتأكد من أوراقها ومستنداتها وقانونيتها (4) توعية المقتنين عن عمليات الغش الفني والحذر من الأعمال المستوردة (5) تطبيق نظام تأمين الأعمال الفنية السعودية لضمان المحافظة على سلامتها في المعارض والمناسبات الفنية الرسمية والخاصة الداخلية والخارجية.