قتيلٌ مجازيٌّ روى الشعر قاتلُه
فجاءت على البحر الطويل قنابلُه
وما بين صدر الموت والعجز شاعرٌ
كتائبهُ صالت وجالت فصائلُه
تفرّ ظباء الشعر من غول بوحهِ
وتنفر من وحش الكلام أيائلُه
تردّ بطان الطير بالرفق كفّهُ
وتدعو الخِماص الجائعات سنابلُه
بمنديله تدنو من الورد كلّما
جرت فوق خديه الدموع أنامله
عجيبٌ ككلّ الكرْم رغم هدوئهِ
تثير فضول العارفين مشاكلُه
إلى آخر العنقود في مشتل الرؤى
أشارت على الغصن الرطيب فسائلُه
ولا صوت يعلو فوق صوت قصيدةٍ
تغنّت بفضل الحبّ قالت عنادلُه
وظل إلى أن أطفأ النار ربُّها
بما فاض من ماء الحكايا يساجلُه
يفاخر شعرًا بالسّفرجل وحدهُ
ويعجب للتفّاح كيف يفاضلُه؟!
وعيني على بيتٍ من الشعر لم يزل
إلى الآن في غيب القصيدة قائلُه
وعن عاجل المعنى المثير مكابراً
إذاأغمض العينين يأتيه آجلُه
عنيدٌ بما يكفي ليمنع نَفْسَهُ
من النهر حتّى لا تخاف جداولُه
يسرّح شعر الحزن كلّ قصيدةٍ
فتدمي قلوب العاشقات جدائلُه
يغنّي لأطفال السماء وينتشي
إذا أسعد القلب القنوط تفاؤلُه
إلى موطنٍ لا يستخفّ بأهلهِ
تسير وقد ظلّ الطريق رواحله
هنالك حيث الضدّ بالضدّ يستوي
فيحفظ للمجنون ما نال عاقلُه
لقد أرهقتنا الحرب والحبّ لم يزل
بمهد الهوى طفلاً فكيف نجادلُه
ولو أمِنتْ هذي البلاد لآمنت
بلا مرسلٍ للغزو تمشي جحافلُه
ولا حمّلتنا لعنة البؤس ثلّةٌ
وقائدها الأعلى تجلّت فضائلُه
دعيٌّ بغيٌّ دون ما هو دونه
يجاملنا حيناً وحيناً نجاملُه
فلا ساد مولوداً ولا ساد والدًا
ولا عُزّ مكفولاً ولا عُزّ كافلُه
مسيحٌ كما قالوا مسيخٌ كما رأى
فلا خيرهُ خَيْرٌ ولا الشرّ باطلُه
وفي أيّ وجهٍ غير هذين يهتدي
إليه فؤادي والنقيض يعادلُه
وإِنْ كان عندي الحقّ او كان عِنْدَهُ
اُباهَلهُ بالسيف أو لا أُباهِلهُ
فليس خليل الله إِلَّا الذي هوت
على الصنم الأسمى مقاماً معاولُه
ليكتب سيف الزير تأريخ تغلبٍ
تقبّل رمح الغدر في الظهر وائلُه
وما زاد سلخ الشاة من بعد ذبحها
عليها الأذى؛ يدري فمِّمَ تخادلُه؟!
وهذا أنا قد لا يحبّ تصرفي
كثيرون لكني لما شئت جاعلُه
فلي من بلاد الرافدين عراقها
ولي من (نبوخدْه) المعظّم بابلُه
وما عاد يغريني البقاء بموطنٍ
وسارقهُ يعلو ويدنو مناضلُه
أسير على أطراف شكي مطارداً
يقيناً يظنّ الناس أَنّي أغافلُه
أصيادهُ قد كنتُ أم كنتُ صيدهُ؟!
فإنّي على الوجهين -لا شكّ- طائلُه
أبي؛ إنّ للأحزان طعماً مغايرًا
وفي الدمع ما يغري؛ فما أنت فاعلُه
سيخرج عزائيل من كلّ وجهةٍ
ويدركنا في كلّ دربٍ نحاولُه
فنلمح طيف الموت في كلّ مقلةٍ
ونبصرهُ في كلّ وجهٍ نقابلُه
لأنّ نساء الأرض لول قصائدي
خرجتُ وبالشيطان عُدْن حبائلُه
لقلبي صلاة الحقل إن قام ربّهُ
خطيبا وللنجم التقيّ منازلُه
وما دعوة الفلّاح إِلَّا سنابلٌ
ترتّلها عند الحصاد مناجلُه
لقلبين مثل الـْ أيّ مثلٍ سأنتقي؟!
وقلب المُعنّى أيّ شيءٍ يماثلُه؟!
هو الحبّ والفتوى إليه مسيئةٌ
فأكبر من فقه الغرام مسائلُه
فما زهرة اللوسين لولا فراشةٌ
تثير جنون العطر حين تغازله؟!
على شغفي بالماء تكبر خشيتي
من الغيم إن سحّتْ عليّ هواطلُه
فأعذب ما في الشعر ما لا نقولُه
وأجمل ما في الحب ما لا نطاولُه
سأُنقِصُ عن قصدٍ ليدفعني إلى
بلوغ الذي أرجو من الأمر كاملُه
فخلف اكتمال الشيء يكمن نقصهُ
ولو دام مدّ البحر ما ظلّ ساحلُه
على قلبي الريفيّ أخشى من الهوى
وآجل حبٍّ أزهق النفس عاجلُه
وأعلم أَنِّي - لا محالة- هالكٌ
بسهم التي..؛ والعشق ظبيٌ أخاتلُه
أعيد إلى القطن البريء بياضهُ
وأوحي إلى الصبّاغ كيف يعاملُه؟!
فما بال ربّ الصوف يفزع من يدي
عليه وينسى ما تعدّ مغازلُه؟!
ولي بلدٌ أنقى من الضوء عيبهُ
كبارٌ كثيرات الحدوث قلاقلُه
سأرحل لا أدري إلى أيّ وجهةٍ
وفي أيّ أرضٍ يترك الهمَّ حاملُه؟!
فقد تعتب الأزهار والورد يشتكي
مرارة ما عانى من الضيم شاتلُه
وقد تحزن الأشجار قالت حبيبتي
فيمتدّ فرع عاري الغصن ذابلُه
أقول لنمرود البلاد بوردةٍ
سأسطيع ما لم تستطعه جراملُه)
فتبقى على دين الخليل قصائدي
وتبقى على الكفر البواح زواملُه)
فأبدأ عمري حين يختم عمرهُ
وأصلب طولي حين ينهدّ كاهلُه
وأسكر لا بالخمر حبّاً وإنّما
لأرفق بالخمّار حين أُسائلُه
ولن أهرق الأقداح في البار نشوةً
وأهرقها حُزْنًا إذا مات نادلُه
- شعر/ جبر بعداني