د. هيا بنت عبدالرحمن السمهري
في فضاءات رياضنا الجميلة أقبلت الإشارات الدالة على عمق الاهتمام بالاتصال المجتمعي لنشر المعرفة, وتحفيز الشباب للممارسة فيها ونحوها عندما رفعت أعلامها باقتدار مؤسسة الأمير محمد بن سلمان «مسك الخيرية» وإن أردنا البسط في مجازية المسمى لتلك المؤسسة الوليدة في بلادنا، فإن المسك عطر فواح معتق لا يزال له ارتباطه الاحتفائي كما كان قبل الإسلام، وبعده إلى العصر الحديث، ومن يقرأ الشعر في تلك العصور سيكون له الاستمتاع «بفتيت المسك» ما يرق له الوجدان وتلذّ له الذائقة، ولعل من بدائع التقابل بينهما ما يصنعه شميم المسك في المكان ليصبح جاذبا ومنعشا، وما تصنعه مؤسسة «مسك الخيرية» لنشر المعرفة في قوالب جاذبة وحية، ومن ذلك الفضاء المؤسسي المثير للإعجاب ببرامجه النامية منذ أن أصبحت «مسك» في حيازة المجتمع بكل تفاصيلها المنتمية للوطن؛ قدم مولود المسك الجديد المذهل «حكايا مسك» وقد وردتني دعوة للحضور اعتبرتها من استدارات «مسك» الدافئة على المجتمع، فكانت لي وقفات هناك مع «حكايا المسك» وعبقه الذي واكب كل ما ينشده العقل البشري من حراك لصناعة المحتويات المعرفية اعترافا بأن الثقافة هي المتكأ الرئيس لنهضة المجتمعات فهناك كانت رمزية الوطن في الروايات عن الحدود والجنود والبطولات، ورمزية المكان والألفة ومحيطاتها المختلفة في المسرح والفنون التشكيلية المبهرة, ولغة الألوان البصرية, والقص التراثي بنبض العصر الحديث الرقمي، وكم أذهلتني الفنية الرقمية لأنها جعلت من «كان ياما كان في سالف العصر والأوان» تراثا مستقلا متجها إلى المستقبل، وهناك أيضا كانت رمزية الواقع الطفولي الشغوف بالأفلام الكرتونية ليتذكروا ويعيشوا النموذج الأصلي ولتصبح صورا خالصة في أعلى مراقي أحلامهم، ومن حكايا المسك صناعة الفضاءات الواعية لتكون المعرفة قطر الدائرة حين يُسكب المسك على منصات الشباب ليرووا قصص الريادة في أكثر الوقفات الوصفية مباشرة، ولقد أعجبتني لغة القص وإن كانت أقرب للغة الوظيفية؛ إلا أنها تعين على قبض تفاصيل الصورة، وتستميلهم إلى فضاءات أخرى حينما يسمعون ويشاهدون المراكب الرائدة في الأعمال, ولم تكن «حكايا المسك» رصدا لمتطلبات الحكاية فقط إنما كانت ترصّدا للمنصات القوية التي تحقق رؤية «مسك الخيرية» في عمومها و»حكايا مسك» في خصوصيتها الحاضرة لتحقيق التطبيق الأمثل للقوالب المعرفية المطروحة بمستوياتها المختلفة فقاد الحراك المعفي من خلال الورش المنفذة للشباب (130) مدربا ومدربة، وهذا العدد في نظري تحويل لأهداف حكايا إلى كينونات واقعية، ونفي الحاجة إلى البحث عن نوافذ تشير إليها.
شكرا «لمؤسسة مسك»؛ فقد صنعت تناغما عريضا بين منصات الحياة, وتكافؤا بين صناعة المعرفة وانسيابية التطبيق.