جاسر عبدالعزيز الجاسر
في إجازتي التي قضيت أكثر من نصفها في بريطانيا أتيح لي فرصة الالتقاء والحوار مع عدد من الكتاب وبعض المفكرين والساسة البريطانيين والأوروبيين وهم في معظمهم من غير المأدلجين وغير العنصريين ملتزمون بالمهنية والمصداقية وهدفهم البحث عن الحقيقة، وقد ظهرت بنتيجة تؤكد أن هؤلاء يتابعون بدقة ما يجري في منطقتنا العربية لأنهم على عكس الرئيس أوباما وإدارته يرون أن المنطقة العربية أو الشرق الأوسط كما يستعمل كثير منهم هذه المصطلح لتوسيع دائرة اهتمامه حتى تشمل إلى جانب الدول العربية تركيا وإيران وحتى باكستان وأفغانستان وطبعاً الكيان الإسرائيلي.
النقطة التي أجمع عليها كل من التقيتهم على (غفلة) العرب من اتساع دائرة التدخل والنفوذ الإيراني داخل الدول العربية، متوقعين أنّ (الفرس) سيزيحون الإسرائليين من صدارة الأعداء للعرب ليحتلوا هذا الموقع بعد قيام الإيرانيين بتدمير أمن واستقرار العديد من الدول العربية، وتمكنهم من السيطرة على العراق وسوريا ولبنان واليمن ومحاولة تدمير أمن مملكة البحرين ودول الخليج العربية بما فيها المملكة العربية السعودية.
يرى هؤلاء الخبراء أن ملالي إيران الذين يحكمون الآن يسيرون قدماً إلى أن يكون العدو الأساسي والرئيسي للعرب جميعاً وليس دول الخليج العربية وسعيهم إلى تشكيل جيش طائفي ممن يتبعون منهج ولاية الفقيه والذي وضعت أسسه من خلال التشجيع والتوسع في تشكيل المليشيات الطائفية في العراق وسوريا ولبنان واليمن، ونشر الجماعات والأحزاب الموالية للفكر الصفوي في البحرين والكويت ومحاولة نشر ذلك في المملكة العربية السعودية, ومصر, والسودان, وبعد أن أصبحت المليشيات الطائفية أذرعاً عسكرية تؤسس لإقامة جيش طائفي مرتبط بملالي إيران مثلما أصبح الحال في العراق عبر تكوين مؤسسة عسكرية فرضت على الحكومة العراقية، حيث أجبر رئيس الحكومة العراقية على ضم (الحشد الشعبي) الذي يتكون من مليشيات صفوية شيعية جميعها تتخذ من منهج ولاية الفقية مذهباً وعقيدة مرتبطة مباشرة بالمرشد الإيراني وتتلقى إضافة إلى الأموال والسلاح والتدريب الأوامر وتنفذ أجندات نظام إيران عبر وجود قادة وضباط يقودون تلك المليشيات ويرسموا خططها.
هذه المليشيات التي أسست الذراع العسكري الصفوي في العراق وقبلها في لبنان وتعمل على تكوين إطار مشابه في سوريا واليمن تمهد لذلك من خلال النشاط الحزبي و(الدعوي) والمقصود به نشر الفكر الصفوي عبر الترويج لنهج ولاية الفقيه عبر الجمعيات المنتشرة عبر الحسينيات في مملكة البحرين والكويت والتي حاولت التغلغل في بعض مناطق المملكة العربية السعودية إلا أن الأجهزة الأمنية انتبهت إلى تلك المحاولات وواجهتها والتي منيت بخذلان وفشل ذريع بعد محاكمة وتنفيذ الحكم في الهالك نمر النمر، إلا أن النجاح الذي تحقق في المملكة العربية السعودية لا نرى له شبيه خاصة في دولتي الكويت والبحرين وهو ما ينذر بخطر تطور تلك التجمعات إلى نواة لمليشيات مسلحة تكمل مخطط ملالي إيران بتشكيل جيش طائفي يحاصر العرب بدءاً بدول الخليج العربية، وهو ما يعط إيران صفة العدو الأول والرئيس للعرب.
ذلك تحليل ونظرة كتاب ومفكرين وساسة يراقبون منطقة بنظرة خاصة ومحايدة من بعيد، فهل نحذر ونتخذ ما يحمينا من هؤلاء الأعداء القادمين.