كوثر الأربش
مقترح الحل السياسي وتشكيل حكومة وطنية مقابل تسليم الأسلحة الثقيلة لطرف ثالث، تم طرحه من قبل المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، وتم إفشاله من قبل الحوثي والمخلوع صالح. فما الجديد في خطة جون كيري المقترحة لإنقاذ مفاوضات السلام في الكويت؟ هناك مبدأ هام في العمل السياسي يأتي على هذا النحو: إذا لم تستطع تغيير الإطار، فالأفضل تغيير اللاعبين. طريقة أمريكية قديمة في استنزاف الدول، وكسب المزيد من الوقت لتقريب نتائج المعادلة أكبر ما يمكن لصالحهم. أعني نجاح أهدافها البعيدة والتي غالباً ما تكون مختبئة خلف أهداف معلنة تتخذ فرض السلام غطاءً لها.
17 شهرًا، من التمزق الداخلي والدمار الذي تحدثه ميليشيات الحوثي في اليمن، لا تعني شيئاً بالنسبة للسياسة الأمريكية التي تقتات على موت الأبرياء وكمدهم اليومي. لا تكفي لخلق حكاية البطل المنقذ الذي يأتي من البعيد، ليعيد التوازن للنزاع الدامي والمدمر.لأجل الوقت، فقط الوقت الذي لا يعني شيئاً لمن هو ليس تحت احتمال رصاصة أو قنبلة، ليس تحت احتمال زعزعة اقتصادية قد تستمر لحقب طويلة. لهذا جاء كيري مجيء الفاتح، كلاعب جديد حاملاً مقترحه السرِّي لإنقاذ مفاوضات السلام، التي حوت ذات المقترحات التي فشلت في مولدها قبل ذلك! خطة تفتقر لأدنى اكتراث بالمعايير الدولية، بتجاهله أولاً للشرعية في اليمن وعدم تضمُّن خطته أي دور يذكر لها. وتجاهله ثانيًا أنّ الطرف الآخر ليس حزباً سياسيًا منظماً، وهو لا يعدو كونه مجرد ميليشيا مسلحة وعنيفة، ارتكبت في حق بني جلدتها أبشع الجرائم. كل شيء ينبئ بفشل ذريع للخطة التي أجهضت في حينها بصاروخ باليستي أطلق من الأراضي اليمنية مستهدفاً محطة كهرباء في جازان! هذه الرعونة لا تمت للاتفاقات الدولية وخبراء العمل السياسية بصلة. وفي أدنى الاحتمالات، لو أنّ المقترح الهش ذاك حقق نجاحاً ما، أولاً: لا شك بأنه سيكون وقتياً، وقابلاً للزوال والاختراق وبكل فجاجة من قِبل الحوثيين. ثانياً: أن يتضمّن تشكيل حكومة وطنية عناصر إجرامية عنيفة ينذر بمرحلة خطرة ستخيّم على اليمن وعلى بلدان الجوار وأهمها السعودية. ثالثاً: سيحقق آمال إيران بأن تعزز ترسانتها جنوب المملكة استعداداً لتغيير ديموغرافي سيرفع نسبة مواليي إيران للغالبية، والرابع: أن تبقى لأمريكا الهيمنة بمجاراة أهداف حليفها الجديد « إيران». الوقت لن ينفعنا لكشف رداءة الخطة وفضح أهدافها، نحن بانتظار تحريك حقيقي للجمود الحالي في اليمن، إلى «عاصفة» جديدة تقول فيها المملكة والشرعية اليمنية كلمتها العليا.