أن تسعى حثيثاً للوصول إلى الشهرة، فقد تجد نفسك مضطراً لنزع إحدى ركائز شخصيتك، أو تجاوز حدود الحياء والذوق والأدب.
مئات المقاطع والصور والتغريدات نتفاجأ بها يومياً عبر برامج التواصل والإعلام الحديث، فيها من التجاوزات الكثير.
لا أعلم سبباً مقنعاً للتعدي على العمالة، أو دخول حافلة تقل طالبات، أو ممارسات خاطئة ومخالفات في الشوارع، أو تحديات و(مقالب) متفق عليها سلفاً!!
ويزعمون بأنّ ذلك إرضاء لجماهيرهم، المنتظرة والمتعطشة لمشاهد العنف والبذاءة - كما يظنون -.
الشهرة الرخيصة تمتد لتشمل من يتعمّدون الإساءة والتطاول على مقدسات شرعية، أو علماء أفاضل، أو مسؤولين مشهود لهم بالأمانة، أو قطاعات وجهات بعينها.
إنّ العبرة ليست في عدد المتابعين، وإنما الأهم هو مستوى التأثير، ونوعية المادة المقدمة، وإيجابية الظهور، وتحديد الهدف.
هل الإعلام المفتوح هو من أتاح الفرصة لانتشار مشاهد ومناظر الاستخفاف والتعدي ؟
أم أنّ ذائقة المتلقي هبطت إلى هذا المستوى؟
ثقافة الأمم وازدهار عصورها وعلامات تقدمها لا تنطلق من المساحات الكبرى للترفيه واللامبالاة، وإذا لم يكن لها على أرض الواقع اهتمام بالتعليم والثقافة والصناعة، فهذا لا يعبر عن نية حقيقية لمنافسة الدول المتقدمة.
ونحن كمسلمين منهجنا يرتكز على العقيدة الراسخة في الكتاب والسنّة، ومنطلق نهضتنا تكون من المسجد، ومستوى تقدمنا يرتبط بمكانة الصلاة في حياتنا..
وقد حث الإسلام على طلب العلم والسعي إلى الوصول لأعلى درجات القوة اقتصادياً وعسكرياً.
لا يتعارض ذلك مع سعادة الإنسان، ولا يمنع من الترفيه وكسر روتين الحياة العملية بشيء من التسلية المباحة والترويح عن النفس، ولكن الخلل أن تكون غالبية مساحة الحياة هو ما تعبر عنه غالبية مشاهد الإعلام الجديد لدينا.
ولكي نصبح أمة متقدمة بشكل حقيقي، فلابد أن تتغير معادلة المردود المادي والتواجد والتأثير الحالية.
فراكل الكرة يتقاضى في اليوم ما يعادل الراتب الشهري للطبيب الجراح.
ودخل المغني في الليلة يوازي دخل طالب علم شرعي أو علمي لمدة شهرين أو ثلاثة.
وأمسية شعرية واحدة يتحصل منها الشاعر على المبلغ الذي يتقاضاه الموظف الجامعي في نهاية الشهر كراتب.
الثلاثية التي تعتمد عليها المجتمعات لنهوضها وتقدمها هي: التعليم المتمكن، والأُسرة المثقفة والمنتجة، ومكانة العلماء كقدوات للناشئة ومؤثرين فيهم.
- أبها