محمد البكر
حقق الدكتور عبداللطيف بخاري شهرة لم يحلم بها منذ أن تردد اسمه في عالم كرة القدم السعودية، عندما أطلق تغريدة «الشم» الشهيرة. بالنسبة لنا ولمعظم المتابعين تعد تلك التغريدة اتهامًا واضحًا موجهًا ضد زملائه في اتحاد الكرة، بأن هناك أمورًا تدار في الخفاء لتجيير بطولة الدوري للهلال «حسب ما أوحت له حاسة الشم». وفي مقابلة معه، سأله المذيع إن كانت لديه مثل هذه الشكوك في الموسمين الماضيين، أي إن كانت هناك ترتيبات مماثلة لتتويج بطلي الموسمين الماضيين، أجاب بوضوح لا يقبل التشكيك، بأنه فعلاً شعر أو شم بذلك لكنه لم يغرد كما فعل هذا الموسم بالرغم من أن الدوري لا يزال في بدايته المبكرة. ومن خلال ما ذكرته آنفًا، فإن الأطراف المعنية هي اتحاد اللعبة باعتباره مسؤولاً عن مسابقة الدوري، وفريقا النصر والأهلي، كونهما بطلي الموسمين الماضيين. ثم يأتي الهلال من بعدهما جميعًا باعتباره لم يحقق البطولة التي شمها د. البخاري حتى اللحظة. اتحاد الكرة سيحقق معه، ولن نتطرق لموقف الاتحاد ولا لردة فعله إلا بعد انتهاء التحقيق ومعرفة الموقف الحقيقي الذي سيتخذه رئيسه الأستاذ أحمد عيد. فإن كانت القرارات ضعيفة، فإن اتحاد الكرة سيؤكد حقيقة ما ورد على لسان البخاري، فما يهمنا جميعًا هو كشف كل المعلومات التي يملكها، إن كان فعلاً يملكها، ومن ثم تقديمها للجهات المختصة واطلاع الرأي العام الذي تسبب د. البخاري في تصدعه وإثارة الفتنة بين مكوناته، وبالتالي مراجعة مسابقة هذا الموسم وبطولتي الموسمين الماضيين عطفًا على ما ذكره عضو الاتحاد عبر وسائل الإعلام. وهذا الأمر يجب أن يتم حتى لو لم يتقدم أي من الناديين بطلب التحقيق مع من شكك في بطولتيهما، كما هو الحال حتى ساعة كتابة هذا المقال. فالقضية لا تعني الناديين بقدر ما تعني منظومة كرة القدم السعودية والعدالة الرياضية المنشودة. الهلال من جهته تحرك وتقدم بطلب التحقيق وكشف أي معلومات لدى البخاري، وهذا تصرف منطقي. فبغض النظر عن أن المسابقة لا تزال في بدايتها، إلا أن ما غرد به البخاري يعتبر تحريضًا على الهلال وشيطنة للجان اتحاد الكرة ضده. وعلى الرغم من أن المنطق يؤكد أن من يشتكي ويطالب بكشف الحقائق هو الطرف الواثق من وضعه، إلا أن هناك من اعتبر عكس ذلك. ولقد غردت بهذا المعنى وحصدت تلك التغريدة حسب موقع التويتر الرسمي مائة وثمانين ألف شخص، اطلعوا على تلك التغريدة، ناهيك عن خمسة عشرألف مشاركة تفاعلية معها.. وهذا دليل على حجم المشكلة التي تسبب فيها د. البخاري تجاه المجتمع بشكل عام والوسط الرياضي بشكل خاص. لم تعد القضية إذن قضية تغريدة عابرة للدكتور البخاري، بل قضية رأي عام، وشبهات فساد، لا يملك أحد القدرة على تجاوزها، أو تمييعها، أو تسطيحها، فإما الإثبات وإلا فعلى اتحاد الكرة تصعيد الأمر فهو المعني وهو المتهم، وهو الطرف الأضعف حتى هذه اللحظة.
هل نتعلم من الجماهير اليابانية!؟ في إحدى التصفيات الآسيوية المؤهلة لكأس العالم، كنت معلقًا لمباراة طرفها المنتخب الياباني. كانت الأمور تسير لصالح اليابانيين حتى اللحظات الأخيرة، ودون الدخول في التفاصيل، انهار الحلم الياباني وتبخرت آماله وخرج من التصفيات، مما شكل صدمة كبيرة لجماهيرهم الحاضرة في استاد خليفة بالدوحة. ولأن كابينة التعليق كانت قريبة من مدرجاتهم، فقد كنت أشاهد الدموع وهي تتساقط من أعينهم... هذا أمر يمكن حدوثه من غيرهم، لكن ما أدهشني أنهم كانوا ينظفون المدرجات من مخلفاتهم وهم يبكون!!! هذا المنظر ما زال عالقًا في ذهني رغم مرور عشرات السنين، ومازلت أذكره في مجالسي عندما تأتي مناسبة لذلك، ولكم أن تتصوروا مدى التأثير الإيجابي لهذا المشهد على سمعة الشعب الياباني لكل من تابع المشهد، أو سمع عنه... ولقد تذكرت ذلك وأنا أتابع اعتذار نادي فولهام للسكان المقيمين حول الملعب الذي استضاف مباراة السوبر السعودي بين الهلال والأهلي. الاعتذار جاء بعد أن تجاوز جمهور الناديين السعوديين، كل معاني الاحترام والتقدير لمضيفيهم. وأنا متأكَّد أن الإنجليز وصحافتهم ومسؤولي أنديتهم سيتذكرون ذلك لعشرات السنين تمامًا كما تذكرت حال الجمهور الياباني، وشتان بين ذكرى تشرف وذكرى تسيء لبلدنا ومجتمعنا وثقافتنا.. والمؤلم أكثر أنها أقيمت في بلد معظم زواره السعوديين هم من الطبقة المثقفة والمنفتحة على العالم وحضارتهم. ولكم تحياتي..