أحمد المغلوث
قبل ثلاثة عقود تقريباً كنت مشاركاً في معرض النخبة للكاريكاتير في باريس، وكان الحضور لافتاً من خلال الإعلاميين الفرنسيين والعرب وعشاق هذا الفن الراقي.. وبالصدفة تعرفت على إعلامي عربي كان حاضراً في المعرض. عندها دعاني إلى تناول المرطبات في أحد مقاهي الرصيف في (الشانزليزيه) أشهر الشوارع الباريسية. لم أتردد أن أذهب معه بعد المعرض خصوصاً لرغبتي شراء صحفنا السعودية والتي تباع في نفس الشارع.. ولم يكن بعيداً عن موقع المعرض. فتوجنها إليه سيراً على الأقدام. والسير على الأقدام في باريس له متعته التي لا تقاوم خصوصاً وكنا نتبادل الحديث في الشأن الإعلامي العربي. وكانت أيامها باريس محط الرحال للعديد من المطبوعات العربية المهاجرة إليها من لبنان ودول أخرى.. وكيف هرب أصحاب الصحف اللبنانية ومحرروها إلى بر الأمان. إلى باريس الثقافة والحرية والصراحة إلى درجة كشف المستور.؟! شعرت بأنّ الأخ الإعلامي كان يريد أن يستشف من الفقير إلى الله كمّاً هائل من المعلومات التي قد تفيده في كتاباته أو تقاريره التي يعدّها للصحف العربية والفرنسة، فهو - وكما قال لي - يكتب بالقطعة لأكثر من صحيفة ومجلة وباللغتين العربية والفرنسية. لكنه يخطط لإنشاء دار صحفية أسوة بغيره، وبالتالي فهو بحاجة إلى من يساعده ويسانده في مشروعه الإعلامي الكبير. وهذا لن يتحقق إلا بوجود رجل إعلام صاحب خبرة كشخصي المتواضع. وأنه يتابع ما أكتبه في صحيفة (..) وحتى ما أرسمه فيها من كاريكاتير. وهو لذلك يضمن نجاح مشروعه الذي يأمل أن أشاركه فيه.. هكذا وضع مشروعه. الحلم. والنجاح. أمامي على طاولة المقهى الباريسي بجوار أكواب الشاي..؟! وراح يؤكد نجاح المشروع وسوف تتفاعل معه العديد من الدول بدعمه، عبر إعلان بسيط ينشر على مساحة 5×2 عمود حاملاً الكلمات التالية (قريباً تصدر من باريس صحيفة (....) كاشفة المستور وفاتحة للعديد من الملفات) وللاشتراكات.. والاتصال نكتب أرقام الهواتف والفاكس والعنوان البريدي) وما هي إلا أسابيع وتأتيك شيكات مصدقة. بل هناك من سوف يحضر لعنوان صحيفتنا حاملاً حقائب مكتنزة بالكاش.؟! دهشت مما يقول وبصراحته. وراح يؤكد لي أن نسبة من الصحف والمجلات العربية والغربية تكوّنت وتأسست من البداية اعتماداً على هذه الطريقة إلا ما رحم ربي..؟! وراح يقول مبرراً مشروعه الإعلامي الذي في تصوره خير مشروع مضمون ومشروع.؟! مؤكداً أن خوف بعض الأنظمة من التهير أو الدخول في مهاترات وأخذ ورد، تلقم فاه هذه الصحيفة وتلك المجلة بكم مليون وكفى الله المؤمنين شر القتال..؟! وراح يشير إلى أن أكثر من مجلة يدعمها نظام صدام. وتلك المجلة تصدر تحت رعاية الدولة (...) أما المجلة التي باتت مزدهرة إعلانياً فهي ممولة من جهاز استخباراتي معروف..؟! وراح يتحدث بثقة وبمعلومات صادمة أن كتّاباً مشاهير بعضهم يحمل درجة الدكتوراه يتسلمون رواتب شهرية وبالدولار من أكثر من دولة، بل إنّ أبناءهم يدرسون في جامعات أوربية وأمريكية على حساب أنظمة معروفة.. ويا ويل هذه الأنظمة لو تأخرت في عدم الوفاء بالتزامها التمويلي عنهم، فسوف يرون في البداية إشارات وغمزات.. وفي حالة انقطاع الدعم سوف تفتح الملفات العدوانية الجاهزة.. تذكّرت ذلك وأنا أتابع مثل غيري الحملات المغرضة الابتزازية التي تشنها بعض المنظمات ووسائل الإعلام والصحف ضد المملكة، هذه الشجرة السامقة والتي لا تهزها ريح. ولا يؤثر فيها ابتزاز إعلامي رخيص. ومخطئون الذين يعتقدون أن شجرتنا العالية والشامخة تنحى وتضعف أمام تقارير زائفة..؟! أو حتى معلومات ومقولات غير حقيقية وصادقة، تقلل من تاريخها وحضارتها التي منها خرجت خير أُمة للناس..؟!
تغريده : الضجيج يكون واضحاُ بمرور طائرة فوق سماء مدينه. أما في المسجد فصوت نغمات الهاتف يسبب إزعاجاً وضجيجاً غير مقبولين.؟!