د.ثريا العريض
الثمانينات المغوية لم تكن نهاية تحولات الطبخة المحلية.
خلال التسعينات مع السيطرة على مناهج التعليم والأحلام والأفكار توالد جيل حرم من تحقيق قدراته, لا يستطيع التفكير المنطقي ولا يملك مهارات العمل اليدوي التي أتقنها وعاش بها أجداده الأخيار في الواحات والجبال وسواحل البحار, ولا شجعته القيم المجتمعية على طرق أبواب التقنية والابتكار.. بل حرم حتى من بهجة الاحتفالات التي عرفها أجداده ممارسة طبيعية.
وتفاقم الوضع مع بداية القرن الحالي بعد تكوُّن «القاعدة» وتشجيع الجهاد فتكونت الأحزاب السياسية المتطرفة, ودخل العنف الانفعالي والمادي حياتنا في قائمة الأخبار اليومية, من التكفير والإقصاء والترويع إلى التفجير, منتقلاً من أفغانستان إلى الجوار الأقرب مع عودة المحاربين بعد سقوط الاتحاد السوفياتي. ولكن الأمر لم ينته بذلك بل تحولوا بعد رجوعهم إلى حقول شوك تتنامى في خاصرة أوطانهم الأم.
محلياً, أدركت القيادة السياسية الواعية أن موقع الخطأ كان في الاستسلام لتيار الغلو الذي تصاعد بالانغلاق. ولذلك كان قرار إعادة ابتعاث خريجي الثانوية من الجنسين, وإتاحة فرص التخصص والدراسات العليا في الخارج قراراً واعياً, شخّص بيت الداء, ولكن العلاج لم يكن محكماً، حيث كان في بعض الحالات هدراً مكلفاً لم يحقق المرجو منه. وما زالت محاولة ترشيد الابتعاث مستمرة لتحقيق الأهداف العليا كأولوية.
ولم نقض على الإرهاب بل تحولت طبخة الغلو الممجوجة إلى كابوس داعشي من التدمير والدمار وانتشر سمها عالمياً. حتى أصبح العالم يرى كل من يحمل ملامح شرق أوسطية عدواً رضع أفكار الشر الظلامية لا يؤتمن في أي جوار.
وفي حين يرانا العالم مصدّرين للعنف وطبخة الشر الداعشي, نرى أنفسنا هدفاً من أهدافه وضحية من ضحاياه. وفعلاً من تابع سلسلة أحداث الإرهاب في المملكة يصدم بتواتر وتصاعد تنفيذ خطط التفجير والقتل في شتى المناطق, ما نجح منها مع الأسف, وما أفشلته قوى الأمن المتيقظة والحمد لله. رحم الله كل شهيد من المواطنين وحماة الوطن وتغمّدهم جنة الأبرار الشهداء.
وسأعود لأتناول الأمن الفكري في حوار الغد.