فهد بن جليد
لفرح الناس بالغرامات المليونية الأخيرة على مُخالفات التجار ما يُبرره، عندما تناقلوا ذلك واستبشروا به خيراً، ولعل أبرزها مُخالفة الـ15 مليون ريال بعد محاولة بعض التجار تثبيت وتحديد أسعار مُنتجهم، وإرغام العملاء ومنافذ البيع الصغيرة على عدم التعامل مع منافس آخر.. تمنيت أن يكون هذا الفرح نتيجة تطبيق النظام وحماية المُستهلك؟ وليس شعوراً عاطفياً فيما يُشبه (ردة الفعل) من جشَّع وطمع التجار الذي عانينا منه سنوات طويلة..؟!
الحقيقة الصادمة أن الأمر يتعلّق بحماية حقوق التاجر والمُنافسة العادلة بينهم؟ وأن المُستهلك هنا ليس سوى (جملة اعتراضية) في مضمار سباق متوازن نحو جيب (المواطن الغلبان)؟ بدليل عدم الجدِّية في التحرّك وفرض غرامات (مليّمية) وليست (مليونية) حتى، عندما يتعلّق الأمر بقضايا الاعتداء والاستهتار بحقوق المُستهلك مُباشرة من قبل التاجر، فعندما يستعرض التاجر عضلاته مُستفرداً بالمُستهلك على خشبة الحلبة، فلا حكم لهذه المُباراة؟ ولكن إذا دخل (تاجر آخر) على الخط، فالغرامات بالمرصاد؟ لإنهاء صراع تنافسي غير عادل..!
هبوط أسعار (الأرز) المُلاحظ في النصف الثاني من هذا العام خير مثال على استفادة المُستهلك أحياناً من هذه المُخالفات، بعدما غرّم مجلس المُنافسة أحد التجار بـ3 ملايين، لأنه اتفق مع آخرين على (تقاسم الأسواق والتحكم في أسعار الأرز).. بينما سنوات طويلة لم يُحرّك أحد ساكناً، لأن التجار غير مُتضررين، والكل يكسب بصمت؟!
فهل نحن بحاجة مثل هذه المُعادلة المُعقَّدة في كل مرة، لضمان حقوق المُستهلك عن طريق ضمان المُنافسة العادلة بين التجار؟ ومن يضمن أن التجار أنفسهم لن يتفقوا في (نهاية المطاف) على صيغة توافقيه بينهم، تضمن إبطال مفعول مجلس المُنافسة، وعدم التقدم له بأي تظلّم، أو شكوى تضرر جديدة..؟!
عندما يقتات المُستهلك حقوقه، عبر غرامات المُنافسة غير العادلة بين التجار، لا يجب أن نصفق لذلك وكأنه نجاح.. فحق المُستهلك أولى من حق التجار في تقاسم (الكعكة)!
وعلى دروب الخير نلتقي.