عروبة المنيف
يتعثر البعض في حياتهم نتيجة قرارات يتخذونها، ولكن حس المسؤولية لديهم يجعلهم يتقبلون نتائجها بصدر رحب، بينما ترى البعض الآخر يتعثرون باتخاذ قرارات وبدونها، فتراهم يلقون دوماً باللائمة على الآخرين بما أصابهم من خيبات، فهم لا يدركون بأنهم قد أصبحوا ناضجين ومسؤولين عن نتائج أعمالهم، وعن المشاكل التي يواجهونها وتبعاتها، وعن تردي وضعهم البائس. فسلوك اللوم الذي يحلو لهم ممارسته هو بدون شك سلوك أناني بحت ينمي لديهم حب السيطرة والتحرر من المسؤولية.
لقد خُلقنا لنتعلم دروساً في هذه الحياة وعندما نتعلم الدرس ننتقل إلى الدرس الذي يليه، ولكن عندما نفشل في تعلم الدرس وفهمه سنظل نبحث عن فرص أخرى لتعلمها وفهمها مراراً وتكراراً،فعندما تحصل لنا أشياء سلبية في حياتنا، معنى ذلك أن هناك درساً كامناً في ذلك الشيء يجب تعلمه والاستفادة منه لكي ننمو ونتطور.
إن اللوَّام عندما يعمل في أي بيئة عمل، يراها بعين مضطربة منذ اليوم الأول لمباشرته العمل، ويتيقن على الفور أنه ضحية، فتجده يكره رئيسه في العمل،ويحقد على زملائه، ويتهم الجميع بتهم عديدة ملقياً عليهم اللوم بجميع إخفاقاته،فرئيسه شخص مغرور، وزملاؤه أنانيون، والعمل الذي يمارسه روتيني، وبانتقاله إلى عمل آخر يكتشف أن الرئيس الجديد أكثر غروراً من سابقه وأن الزملاء الجدد أكثر أنانية وأن العمل الجديد مملٌّ أيضاً، فيردِّد المثل القائل «امسك قردك لا يجيك الأقرد منه» إن المشكلة ليست في العمل ولا في الرئيس ولا في الزملاء...، إن المشكلة فيك أنت، في عدم تحملك مسؤولية أعمالك، في عدم قابليتك على التعلم من دروس الحياة والاستفادة منها.
هناك أساليب تساعدنا في تعلم الدروس، من أهمها، الإيمان والاعتقاد بوجود درس يجب تعلمه من التجربة التي نمر بها والاعتراف بأننا نحن سبب أي مشكله تعترض طريقنا، لأننا في تلك الحالة نتوقف عن لعبة إلقاء اللوم على الآخرين وإخلاء مسؤولياتنا،كذلك أسلوب تحجيم المشكلة في محاوله للنظر إليها من أبعاد مختلفة بحيث نرى الوجه المضيء فيها وفي الآخرين ما يساعدنا في عدم التعلق بالمشكلة حتى لا يتفاقم الوضع ويمهد لحدوث نتائج سلبية أكثر خطورة من المشكلة ذاتها.
نحن مسؤولون عن سعادتنا،صحتنا، لياقتنا،علاقاتنا، تصرفاتنا، عن كلِّ حياتنا، فلا يجب التخلِّي عن قوة إرادتنا في تحمل مسؤولية أعمالنا حتى نرتقي. إن التخلي عن سلوك اللوم يجعلنا نسامح ونتجاوز عن أخطاء الآخرين ونبني علاقات محبة وعطف معهم ما يساهم في تحقيق أهدافنا وطموحاتنا.
من السهل علينا إلقاء اللوم وإطلاق الأحكام الجائرة على الآخرين لكن من الصعب علينا أن نتفهم ونعطف ونحب ونخدم الآخرين.