إبراهيم الطاسان
على المشهد التمثيلي لفن ممارسة الدبلوماسية، التي وضع أسس مبادئ ممارستها وتعريفها الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان.. بقوله: «لو كان بيني وبين الناس شعرة منقطعة». هذا القول الذي تتجسم في الذهن صورة ممارسته، كما لو كنا نشاهد مشهد عرضه أمامنا. وبما أنه ليس من الذوق واللباقة الدبلوماسية أن يتحدث المرء عن نفسه. ولأنني خارج نطاق العمل الدبلوماسي مما لا يتيح اتهامي بخرق الذوق واللباقة الدبلوماسية. ولمقتضى الحال، أضيف متبرعاً تعريفاً إضافياً لمعنى الدبلوماسية «التودد للأعداء والخصوم» وهو عندما يمارس الدبلوماسي البارع التودد لميؤوس منه في سبيل اطفاء ثورة غضب طرف ما، أو تغطية فشل ما، أو في محاولة خلق بيئة خلاف داخل مجموعة متجانسة الرأي والفكر، لكسر اتحاد موقفها لغرض إيجاد بيئة للخلاف بين المجوعة الواحدة، إذا لمس بفطنته أن بين المجموعة من قد يتخلى عن الموقف إلى موقف آخر مغاير، يضعف من موقف المجموعة. والممثل الدولي السيد إسماعيل ولد الشيخ، وبعد اعلان المتمردين على الشرعية -الحوثي والمخلوع - عزمهم على الدعوة لعقد جلسة لمجلس النواب اليمني «المتمثلين بالنطيحة والمتردية وما اكل السبع» ولا ادرى على أي مساغ دستوري مشروع يدعو مخلوع بإرادة شعبية عارمة، ورئيس عصابة ميليشاوية من سكان كهوف الوطاويط، للاجتماع لغرض اضفاء شرعية على مجلسهم السياسي المزعوم. «شرعية: منعدمة بحكم الدستور اليمني» نجد ابن الشيخ يصرح بأن الاطراف اليمنية أكدت التزامها بالمرجعيات؟! فكيف به وهو يسبق كل مؤتمر بتأكيد التزام الاطراف الحوثية بالمرجعيات الثلاث (مخرجات الحوار الوطني، والمبادرة الخليجية وقرار مجلس الامن 2216) ويؤكد انهم قدموا الضمانات المكتوبة. وهي شرط الشرعية لحضور المؤتمرات الثلاثة متتالية. وكل تلك الضمانات التي تحدث عنها ابن الشيخ تختفي عن طاولة الحوار، كما لو كانت مكتوبة بأحبار استخباراتية (حبر السري) وكأنه لم يذق منهم مرارة الخذلان، بممارستهم الكذب والخداع واخلاف الوعد ونقض العهد. ومع تقديمهم «البراهين القاطعة على كذب وعدهم بالالتزام بالمرجعيات «، ان كانوا وعدوا بالالتزام بها بممارستهم النقيض تماماً. بدعوتهم لعقد بقايا إن كان من بقايا لمجلس نواب. فعلى أي شيء يعول عليه ابن الشيخ بمثل هذا التصريح؟ والحوثيون والمخلوع ماضون على نقيض أهداف وغايات المرجعيات. ممارسة الدبلوماسية كما عرفها الخليفة الأموي، وإضافةكاتب هذه السطور لتعريفه الخاص بها. لا تنفع ولا تجدي مع من يكذب لسانه والبغي الصفة الظاهرة لأعماله. فالحوثيون وخليفهم بغوا بغضب الدولة، ومقدراتها، بنهب المال والسلاح، وقوت المواطن في المال العام والخاص، قتلوا، واغتصبوا، وشردوا، وفي الحديث «حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشرب وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ولا ينتهب نهبة يرفع الناس إليه فيها أبصارهم وهو مؤمن»، ومن لا يؤمن ويعمل بقيم ومقاصد شريعته. لا يؤتمن. هم مسلمون إن شاء الله، وهذه منهيات وتحذيرات إسلامية. ولو كانوا غير مسلمين ما حاكمنا اعمالهم الى القيم الإسلامية. وبما انهم مسلمون كما يشهد ظاهرهم «أما الخفي فالله به اعلم» فلا يجوز الركون على من يتصف بصفة المنافقين «إذا وعد أخلف وإذا عاهد غدر» لم يصدق مع الله، فكيف يصدق مع خلق الله. ولهذا ولأسباب عقائدية وطائفية ومطامع فارسية يخادعون ويكذبون وهم يريدون كل شيء أو لا شيء . وبما ان الشرعية والمجتمع الدولي رفضوا إعطاءهم كل شيء . فهم في المقابل لن يعطوا شيئاً. وان وعدوا واقسموا بأغلظ الايمان وختموا بالتواقيع العهود والمواثيق، سينكصون عنها ويتبرؤون منها. وأرى أن علي بن الشيخ أن يكون النموذج الفريد لنقاء الضمير «وأنا لا أتهمه» وأن لا ينجر وراء ما قد يلوح به اليه من أداة أعضاء مجلس الأمن المتمتعين بحق انتقصوه من حقوق الآخرين «النقض» «الأمين العام» أو أي عضو آخر، ممن يوعزون بإطالة امد الحوارات وتكرارها من خلال التهيئة لها بمثل هذا التصريح، وطلب الهدن تعبيراً عن حسن النية. لغرض في نفس يعقوب. ليس مجهولاً ولو لم يعلن. وما موقف المندوب الروسي في مجلس الأمن وخروجه غاضباً، وإلقاء اللائمة على ابن الشيخ على تقريره لمجلس الأمن إلا شيء مما في نفس يعقوب. وهو ما يؤمل أن لا يكون دافع ابن الشيخ من تصريحه بعد ان ازمع المخلوع والحوثية عقد جلسة بمن حضر من النواب لإضفاء الشرعية على مجلسهم السياسي الذي تخلق خداجاً ومات في رحم حمله. خدمة لهذا التوجه، خاصة وانه اعلم من يعلم أن أكذب واخلف الناس بالتعهدات، والمواعيد والنكوص عنها، هم الحوثي والمخلوع. وانهم ممن يسعى لكل شيء أو لا شيء.. والمثل العامي المتداول يقول: «من بغاه (أراده) كله تركه كل» وهو ما ينطبق تماما على الحوثيين وحليفهم المخلوع ارادوا اليمن كله، وسيتركوه كله مرغمين، وقد بدت ملامح ذلك بإصدار الجوازات للشخصيات التي اوغلت بالخوض بأقدامها بالمشي على جثث اليمنيين استعداداً للهروب. حيث لا الملاجئ والانفاق ولا الكهوف مانعة، إذا أزفت ساعة الصفر.