سعادتي كبيرة وغامرة ولا توصف عندما أجلس في ملتقى أو مجلس، وأسمع الثناء على جامعتي المباركة (جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية). والحقيقة، قادني هذا الثناء إلى تساؤل، مفاده: ما الذي يجعل المجتمع يثني على الجامعة خصوصًا، عندما يكثر هذا الثناء ويتنوع، ويأتي من شرائح المجتمع كافة؟
هذا التساؤل قادني للبحث فيما يسمى بـ(الجامعات المؤثرة)، وهي الجامعات التي يكون لها تأثير في مجتمعها، تأثير ملموس، يشعر به المواطن، ويجاذبه التفاعل. ولست بصدد الحديث عن مقياس التأثير، وإنما رصد لتأثير الجامعة المجتمعي، ومشاركتها في برامج التنمية.
يمكن في هذه المقالة تعريف الجامعة المؤثرة، وهي كل جامعة تمارس أدوارها بشكل صحيح وفعّال، يتحقق من خلاله الأهداف التي بُنيت عليها، وترغب في تحقيقها. ويكون الرضا المجتمعي لها في زيادة من خلال رصد حقيقي مقاس وفق مؤشرات معيارية واضحة.
وبالنظر إلى الأدوار الخاصة بالجامعات السعودية نجد أن اللوائح الخاصة بالتعليم العالي أكدت الأدوار الآتية: التدريس والبحث العلمي وخدمة المجتمع.
وبالنظر في واقع حال جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية نجد أن الجامعة تمارس الأدوار الثلاثة آنفة الذكر، وتزيد عليها في مسارات أخرى، لا تتحقق في كثير من الجامعات المحيطة أو الشبيهة، وفي ذلك تفصيل.
ما الذي يجعل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية جامعة مؤثرة؟
جواب ذلك ـ في اعتقادي الشخصي ـ هو تحقق جميع الأدوار المرسومة لها؛ فهي تقدم التدريس والبحث العلمي وخدمة المجتمع المعروفة، التي تقدمها أغلب الجامعات، لكنها تزيد عليها بمسارات وخدمات وأنماط تعليمية نوعية متنوعة، على النحو الآتي:
1. القرب من مضامين رؤية المملكة العربية السعودية 2030. فبنظرة تحليلية يمكن القول إن هناك اتساقًا واضحًا بين ما يوجد وتقوم به الجامعة، وبين مضامين رؤية المملكة العربية السعودية 2030.
2. التأثير الإسلامي؛ إذ تشارك الجامعة في مناشط إسلامية ذات تأثير وبُعد عالمي، منها قيادتها لاتحاد الجامعات الإسلامية، وإشرافها على جامعة باكستان الدولية، ومشاركتها في معهد التاريخ في برلين، وكرسي اليونسكو في السوربون، وغير ذلك.
3. القيادة الملهمة للجامعة؛ إذ يعرف من يتابع الجامعة خروج كثير من الأفكار المرموقة من خلالها.
4. حملات الدعم والمؤازرة للمشاركين في عاصفة الحزم، ودعم أبناء شهداء الواجب دعمًا واقعيًّا ملموسًا ومحسوسًا.
5. ارتفاع مستوى الإنتاجية؛ ما يحقق البُعد الاقتصادي. ففي اقتصاديات التعليم يتحقق معيار الإنتاجية، الذي تقل فيه كلفة الطالب بسبب القبول المتوازن، والذي يعطي نوعًا من الأمل والسعادة للمجتمع.
6. الوقت المصروف. يمكن القول إن الجامعة تعمل بكفاءة من (السابعة والنصف صباحًا حتى العاشرة والنصف مساء)؛ وبالتالي فإن هذا الوقت الطويل يساعد على تقديم الخدمات لأكثر الشرائح، ويعطي الفرصة بتنوع الاختيار.
7. تنوع الأنماط التعليمية؛ إذ تقدم الجامعة عددًا من الأنماط غير المألوفة، منها التعليم عن بُعد، التعلم الإلكتروني، التعليم في الخارج، التعلم الذاتي، التعلم المتمركز حول الطالب. وهذه الأنماط قلّ أن تجتمع في جامعة واحدة.
8. الإثراء المساند، وفيه تقدم الجامعة عبر عدد من العمادات والوحدات المساندة البرامج التدريبية الخاصة والعامة، التي على رأس العمل، وبرامج التعليم المدمج، والبرامج المخصصة للقطاعات الأمنية والعسكرية.
9. السعادة المجتمعية؛ إذ تنظر الجامعة لهذا المسار نظرة خاصة، وتحاول جاهدة تحقيقه بمهارة واحترافية كبيرة. ومن ذلك ما تقوم به الجامعة من الاهتمام بأبناء الشهداء، والأيتام، وكبار السن، والتدريس والتدريب للمناطق النائية، وكذلك التوسع في القبول وفق منظومة دقيقة. ومن أنواع السعادة كذلك مشاركة أعضاء هيئة التدريس في مناشط المجتمع.
10. الخدمات الإلكترونية. والجامعة من البارزين في ذلك؛ إذ تقدم كثيرًا من خدماتها عبر الأنظمة الإلكترونية.
11. سرعة التواصل والتجاوب. وقد عهد عن الجامعة السرعة في ذلك. وقلّما نجد تأخرًا في الرد على معاملة أو تأخير حق لطالب أو مراجع.
12. الترفيه. والجامعة لها يد طولى في ذلك عبر المناشط الرياضية المستمرة طوال العام، وعبر الأندية الطلابية الصيفية، وعبر المهرجانات الترويحية الصيفية التي تعتبر من حاضنات أو ريادة الأعمال.
13. البيئة الجامعية الجاذبة؛ حيث المراكز الخدمية المستمر إنشاؤها، والمساعدات المحسنة، ومواقف السيارات، والسكن الجامعي الطلابي والخاص بأعضاء هيئة التدريس، والمتحف التاريخي، والقاعات التدريسية المساندة الجديدة.
14. الطلب الطلابي، سواء كان لبرامج البكالوريوس أو الماجستير أو الدكتوراه، أو للتعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد. ويكفي النظر عند فتح القبول لعدد المتقدمين لهذه البرامج، وتعطش أولياء الأمور والطلاب للتقدم للدراسة فيها.
وكذلك يمكن الإشارة إلى مدينة الملك عبدالله للطالبات، تلك المدينة الجامعية داخل المدينة الجامعية الأكبر، ويمكننا القول مدينة تحتوى مدينة. إمكانية مدينة الطالبات تفوق أربعين ألف طالبة بخدمات عالمية المستوى.
15. القيمة المضافة التي تقدمها الجامعة في كل المجالات التدريسية والبحثية وخدمة المجتمع. ويمكن النظر إلى الكراسي البحثية ذات المجالات الحيوية، والمؤتمرات المتخصصة ذات الجودة الموضوعية، والمجلات العلمية ذات الأبحاث الرصينة.
16. الطلب على المستشارين من أبناء الجامعة. وهذا عامل يؤكد القيمة الفعلية للجامعة، وتحولها إلى بيت خبرة بمواصفات عالمية، وفي مجالات دقيقة جدًّا. إن من يتأمل مسار التعلُّم الإلكتروني والتعليم عن بُعد في الجامعة لا بد أن يتأكد من معيارية بيت الخبرة؛ إذ تمتلك عمادة التعلم الإلكتروني والتعليم عن بُعد أنظمة ذات جودة عالية، وبمواصفات عالمية، وصنع جامعي مميز. وهي هنا - على سبيل المثال لا الحصر - تمثل بيت خبرة قديرًا، ثريًّا وفعالاً.
إن كثرة المنتجات النوعية التي تقدمها الجامعة هي جزء من الطموحات الكبيرة لوطننا الغالي، وهي دليل على تميز الجامعة وريادتها، ودليل آخر على ارتفاع القيمة المضافة التي تقدمها. ومن المعلوم أنه كلما ارتفعت القيمة المضافة للجامعة تحقق لها أدوار تنموية أكبر وأوسع؛ ما يجعلنا نرى قبل أن نسمع الرضا المجتمعي للجامعة من أبناء وطننا الحبيب. وكم يحدوني الأمل المشرق والرغبة الصادقة بأن يعمل الزملاء والزميلات في الجامعة المباركة بهمة أكبر وجهد مضاعف على تحقيق تلك الطموحات العظيمة. ومما يزيد من آمالنا، ويقوي تطلعاتنا جميعًا، وجود أساتذة وقامات علمية، ممن آمنوا بأهمية هذا الأدوار وإنجاز الأهداف، وعملوا على المشاركة في تحقيقها بشكل متقن ودقيق؛ ما يجعلنا نقف بكل ثقة وافتخار ونحن ننتمي لهذا الصرح العلمي مرددين: حفظك الله يا وطني.
- وكيل عمادة التعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد للدراسات العليا والجودة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية