د. خيرية السقاف
لا أحسب أنّ الحكمة تنقرض أبداً بانشغال البشر عنها..!!
فهي بذرة تتنامى،
تنبت كلَّ لحظة بحركة سيرهم على الأرض، مع كل موقف لأحدهم،
وعند مغالق أي باب بعد دخولهم منه،
وخروجهم عنه..
الحكمة سيِّدة المواقف،
ثمرة التجارب، منبت اليقين،
وحجة اليقظين،
وهي ثمرة فكر خصب فاحص،
وقلب واعٍ، وعزم نافذ..
وهي بوصلة للسائلين
وهي مركب للمبحرين، وهي دليل للتائهين..!
هي النابتة بين حدّين..!
طحين ورحى، ونار وسفود، وجمر ورماد، وأبيض وأسود، وماء وريح..
بين مصل وجرح، وداء ودواء..
بين ضحكة ودمعة..
وعقل وجنون، ورمية وحسرة..!
وكل متناقضين..
الحكمة هي المنقذ عند الحيرة، والمخرج عند الغرق..
والباب ينفرج للحبيس في جهله ليتنفس،
والغائب في غيِّه ليعي،
والغريق في غوايته ليحيا..!
لذا هي ثمرة عقل في مدى وعيه، وقلب في مدى يقينه، ونفس في مدى عافيتها..!
الحكمة إتيان من الرب لمن تفكّر وتدبّر، وعرف فعلم،
واستدلّ ففهم، ولم يصر على خطأ، أو يسرف في جموح،
أو يصد عن مورد، أو يركض في متاه..
هي ومضة جذوة في حلك، وهي لقمة سداد في جوع، وهي قطرة سقيا في جفاف،
حين تُتخذُ في أي المواقف تكون نبرة دليل، وصوت عقل..!!
ويداً تهز كتف الغافل لتقول له: هنا يكون الخلاص من متاه الجهل..!
............
والذي يبدو لي أنّ الحكمة في ضوء هذا اللهاث الفوضوي العارم الشاسع،
قد ارتكنت في قصي..
لكنها ليست صعبة على الحضور بين أيدي المفكرين، الواعين،
أولئك الذين تعوِّل عليهم نهضة الحياة لأن يأخذوا البشر إلى المسار الأجدى لهم،
نحو مرسى الأمان، وشواطئ السلام..!!
وفي ضوء الحاجة إليها ألا تُسْتَحْضر من ركنها المهيب..؟!