رقية سليمان الهويريني
يشكِّل الشباب في مجتمعنا السعودي نسبة كبيرة، ويرقب الآباء والأمهات بوجل مصير أبنائهم المحير، مما يتطلب سن سياسات عمومية موجهة لهذه الفئة المهمة من حيث نسبتها وأدوارها، ويستلزم إيجاد وسائل تحدد توجههم الصحيح الذي يصب في مصلحة وطنهم، كيلا تكون المراهنة على صلاحهم فاشلة! ومسؤولية الشباب لا تختص بها وزارة أو هيئة معينة، لذا يتطلع الشباب للرؤية الوطنية بكثير من التفاؤل الممزوج بالأمل بأن تكون بنودها قريبة منهم متلمسة احتياجاتهم، مقدِّرة طموحاتهم.
وحين أتحدث عن الشباب فإني أستحضر ماضياً مؤلماً وحاضراً لا يخلو من المرارة، عاش فيه بعض أبنائنا ضحايا فكر جهادي فوضوي، فغادروا البلد بوسائل ملتوية وهربوا من أحضان أسرهم ليرتموا في جحور أفغانستان ثمَّ العراق وسوريا حتى تفتتت أكباد أمهاتهم كمداً، واحترقت قلوب آبائهم حزناً عليهم، فعاد بعضهم مستورداً معه فكراً ضالاً ليقتل مواطني بلده ظلماً وعدواناً!
والحق أن نفوسنا تهفو لقرارات حكيمة تعيد للشباب ثقتهم بأنفسهم، وتجدد فيهم الدماء وتجعلها تتدفق في شرايين الوطن. ولن يتم ذلك ما لم يفتح ملفهم الشائك من بطالة تترصدهم بسبب منافسة وافد أجنبي، أو تحديات سياسية تعصف بمن حولهم، وتولد لديهم حيرة وقلقاً، وشراسة تطرف وغلو في الدين جعلهم يحملون أسلحتهم ويروعون خلق الله، عدا عن إغراء المخدرات والمسكرات الفتاكة.
نستشرف من الحكومة أن يجتمع بعض وزرائها بثلة من الشباب ليبرهنوا لهم إيمان القيادة بمواطنتهم وثقتها بولائهم وتطلعها لعطائهم، فقد ملّوا من تذكيرهم الدائم بالنواقص والثغرات التي تشعرهم بعدم قدرتهم على إحداث تغيير إيجابي في مجتمعهم، وتكرّس فيهم الاستسلام واللامبالاة والانهزامية! فلعل ذلك يذكي في نفوسهم جذوة العمل الذي به يستقيم بناء الوطن، ويدعوهم للمشاركة الاجتماعية والمساهمة في التنمية، كإشعارهم بالمسؤولية لاحترام الأنظمة وقوانين المرور فلا يتحايلون عليه، وليعلموا أن الغرامات ضرورة لحين انتشار الوعي، واستيعاب أن الطريق ملكية مشاعة للجميع حتى لا تُزهق أرواح بريئة.
إن الاهتمام بالشباب يأتي من الإيمان بكون مستقبل بلادنا في يد شبابه، وتخصيص جزء من الاهتمام بهم واستقراء آرائهم ليس ترفاً، ولكن ضرورة تفرضها الحاجة للاستثمار في مواطن الغد.