أ.د.عثمان بن صالح العامر
أعلنت الداخلية الكويتية، مساء الخميس قبل الماضي، « القبض على موظف حكومي؛ وثلاثة من شركائه في العراق والأردن بالتنسيق مع بلدانهم، اخترق هؤلاء الدواعش مواقع إلكترونية رسمية لبعض الدول الشقيقة والصديقة، لحساب ما يسمى بـ ”جيش الخلافة الإلكتروني” التابع لتنظيم الدولة الإسلامية “داعش” الإرهابي».
إن تفكيك مصطلح «جيش الخلافة الإلكتروني» يعطينا دلالات ثلاث كلها خطرة:
# جيش: يعني أن هناك قيادات وجنودًا وتخطيطًا واستراتيجيات واجتماعات وتواصلاً بين الميمنة والميسرة والصدر، ومهامَّ محددة يقوم بها وينفذها الجنود حسب ما يأتي من القيادة بشكل هرمي مدروس ومتدرج ومحدد زمناً ومكاناً وحالاً، والطابع العام لهذا الجيش السرية التامة والتخفي عن الرقيب بكل الوسائل والأساليب، مما يعني أننا أمام خطر حقيقي لا نعلم عدده ولا حاله قرباً وبعداً، قوة وضعفاً، حتى ينال منا يوماً ما -لا سمح الله- بل لا أبالغ إن قلت إن أيًّا من قادة هذا الجيش وجنوده يعلم هذا الأمر، ذلك أن ما ينعت بـ»تنظيم الدولة الإسلامية» التابع له هذا الجيش هو في الأساس توظيف استخباراتي لفكرة تدعي «الإسلامية» يجري التجهيل بها عن قصد وسوء نية مع سبق الإصرار والترصد، وخطورة هذا الجيش تكمن في هذا الأمر الذي يعتقد معه المنضوي تحت لوائه أنه على شيء وهو ليس كذلك، يعتقد خاطئاً أيضا أنه حين يراسل شخصاً في العراق وآخر في الأردن وثالثًا في لندن ورابعاً في المملكة وخامساً في... وهو القابع في الكويت ينتظم في منظومة عالمية تؤسس لخلافة شرعية ذات منهج إسلامي صحيح، هذا إن أحسنّا الظن فيه واعتقدنا أنه جاهل بحقيقة التنظيم وظلاميته وضلاله ونواياه الخبيثة.
# خلافة: هذه هي الأكذوبة التي انساق خلفها بعض المُغرَّر بهم، وتم توظيفها بشكل احترافي خطير، بسببها كُفرت الحكومات وقُتل الجنود وأُزهقت الأرواح وجهلت الشعوب واتُّهِم العلماء الربانيون، واعتُدِي على الممتلكات، حتى تبرَّأ الابنُ من أهله، بل قتل أمه وطعن أباه والعياذ بالله، ودعوى أن إعادة دولة الخلافة وجعل المسلمين تحت حكم خليفة واحد له حق السمع والطاعة المطلقة في جميع بقاع الأرض اليوم، هي في الأساس ليست صحيحة، ولم يكلف الله بها، بل هي خلاف ما أخبر عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد تكون سبباً من الأسباب الرئيسة التي فرّقت المسلمين وولّدت الجماعات والأحزاب المكفِّرة والمتجرِّئة على الذمم والممتلكات التي حرمها الله عز وجل.
# إلكتروني:
يمكن اختزال مضمون التوظيف الخطير للعالم الافتراضي من أجل زعزعة الأمن السعودي، هذا الخبر الذي إن مضى عليه زمن فإنه يعطي الدلالة على ما نحن في صدده، يقول الخبر: «نجحت قوات الأمن السعودية في ضبط خلايا تابعة لتنظيم الدولة وإحباط هجمات كانت تخطط لها، من خلال إجراءات أمنية مكثفة استهدفت المتورطين على أرض الواقع، وأولئك الذين يستغلون شبكة الإنترنت لنشر أفكارهم وتجنيد العناصر.
وخلال المؤتمر الصحفي للمتحدث باسم وزارة الداخلية السعودية قال اللواء منصور التركي: إن تنظيم داعش الإرهابي استغل شبكات التواصل الاجتماعي بسبب انشارها وسهولة استخدامها، على عكس تنظيم القاعدة الذي كان يستخدم الأشرطة والكتيبات والوسائل التقليدية التي تعتبر ذات تأثير أقل.
وأضاف اللواء التركي: إن استغلال هذه الوسائل كان بغرض الدعاية للتنظيم والتأثير على صغار السن المتحمسين واصطيادهم، ومن ثم ربطهم بشبكة تمدهم بالأسلحة وتحدد لهم المواقع المستهدفة».
وقال التركي: إن الجهود الأمنية وحدها لا تكفي لمواجهة الإرهاب، داعياً إلى دعم المواطنين والمقيمين للتعاون مع الأجهزة الأمنية لحماية أسرهم من خطر الأفكار التطرفية.
وكان بيان لوزارة الداخلية السعودية أوضح أن قوات الأمن نجحت في النفاذ إلى البنية التحتيّة لهذه الخلايا «من خلال ضبط العناصر الداعمة وتلك التي تعمل على نشر الفكر المنحرف عبر شبكة الإنترنت وتجنيد العناصر ونشر الدعاية المضللة».
ووصل عدد الذين ألقت السلطات القبض عليهم لاستغلالهم الإنترنت في تلك الأهداف، 144 موقوفاً.
وحمل بعض الموقوفين أسماء مستعارة على شبكة الإنترنت، تدعو للانضمام لداعش، منهم: «داعشي وأفتخر»، و»بعت الدنيا»، و»جنون الاستشهاد»، و»جليبيب الجزراوي»، و»غربة4»، و»طويلب علم».
أما صاحب الاسم المستعار «حزام ناسف»، الذي يحمل اسم (علي محمد علي العتيق)، فقد ضُبط في منزله معمل لتصنيع المتفجرات ومواد مختلفة تستخدم لذلك الغرض.
كما أشارت الداخلية السعودية إلى أنها قبضت على جليبيب الجزراوي الذي هدّد على موقع تويتر بقتل الفنان القصبي بطل مسلسل سيلفي».
حفظ الله قادتنا، وحمى بلادنا، ونصر جندنا، وأذل أعداءنا، وأدام عزّنا، ورزقنا شكر نِعَمه، وأبقى لحمتنا ووحدتنا والتفافنا حول أمرائنا وعلمائنا، ووقانا جميعاً شر من به شر، ودمت عزيزاً يا وطني، وإلى لقاء والسلام.