حج الأعمى
* متى يجب الحج على الأعمى؟ وهل له أن يستنيب من يحج عنه؟ وهل يصح أن يكون الأعمى مَحْرَمًا؟
- يجب الحج على الأعمى كغيره إذا استطاع أن يحج، فإذا تحقق فيه شرط الاستطاعة فإنه يجب عليه، وإذا لم يستطع أن يحج فله أن يستنيب. ويكون الأعمى مَحرَمًا ولو كان لا يرى من حوله، لكن العميان بطرائقهم يعرفون ما يحصل حولهم، وكثيرٌ منهم عنده من الحساسية ما لا يوجد عند كثير من المبصرين، فيصح بيع الأعمى وشراؤه وسائر عقوده، ويصح أن يكون محرمًا يذود عن محارمه ويحفظهنّ بطريقته.
* * *
سعي الجنب
* هل يصح للجنب أن يسعى بين الصفا والمروة؟
- إن كانت جنابته أصابته بسبب فصله بين الطواف والسعي بمعنى أنه طاف على طهارة وصح طوافه ثم بعد ذلك ذهب فنام فأجنب فلا شك أن الفصل بين الطواف والسعي عند جمهور أهل العلم مؤثر؛ لأنهم يرون أن السعي لا يصح إلا إذا وقع بعد طواف ولو مسنونًا، ومنهم من يرى أنه لا مانع من أن يفرق بينهما لاسيما إذا كان التفريق لحاجة، فمثل هذا إذا كانت الصورة أنه أجنب بعد أن طاف طوافًا صحيحًا فيجوز له أن يسعى، والحائض كما قال النبي -عليه الصلاة والسلام- لعائشة -رضي الله عنها-: «افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت» [البخاري: 305]، فدل على أن الحائض تسعى، وكذلك الجنب؛ لأن حكمهما واحد.
* * *
نسيان المحرم للنسك
* نسيت النسك الذي أهللت به، فكيف أصنع؟
- الإنسان إذا أراد الدخول في النسك فإنّه مخيَّرٌ بين الأنساك الثلاثة: التمتع وهو أفضلها، ثم القران، ثم الإفراد، فإذا أحرم الإنسان بِنُسك من هذه الأنساك ثم نسي بعد ذلك ما أهلَّ به فإنه يصرفه إلى الأفضل والأكمل وهو التمتع، فإذا أهلَّ وطالت به المدة فإنه قد ينسى كما كان في السابق، فإنَّه يكون بين الدخول في النسك وبين مباشرة أول النسك مدة، فمثلًا بين ذي الحليفة ودخول مكة عشر مراحل، وفي هذه المدة قد ينسى المحرم، وهذا مجرد افتراض وإلا فالإنسان عليه أن يحتاط لدينه ويهتم له، فإذا أهلَّ بشيء فعليه أن يستذكره ولا يعزب عن باله ولا يتشاغل بغيره عنه. المقصود أنَّه إذا حصل النسيان -كما في السؤال- فإنه يصرفه إلى أفضل الأنساك وهو التمتع ما لم يمنع منه مانع كضيق الوقت، فينوي التمتع ثمَّ إذا وصل إلى مكة ورأى أنه قد أدركه الوقت بحيث لا يتمكن من العمرة ثم الحج فإنّه حينئذٍ يدخل الحج على العمرة فيصير قارنًا.
* * *
كيفية إحرام النائب
* إذا حججت عن أخٍ لي، فمن أين أُحْرِم؟ وكيف أقول عند الإحرام؟ وماذا علي إذا تركت واجبًا؟
- إذا حججت عن غيرك فإنك تحرم من المكان الذي تُحرم منه لو حججت عن نفسك، فإن كنت قبل المواقيت والمواقيت بينك وبين مكة فإنك تحرم من الميقات الذي تمرّ به، وإذا كان منزلك دون المواقيت فإنك تحرم من منزلك كما لو أحرمت عن نفسك، هذا بالنسبة للمكان الذي تحرم منه، وتقول عند الإحرام إذا أحرمت عن غيرك: لبيك عن فلان. كما جاء في حديث الرجل الذي قال: لبيك عن شبرمة [أبوداود: 1811]. وينبغي أن تتنبه إلى أنّه لا يجوز أن تحج عن غيرك من أخ ولا أب ولا أم ولا غيرهم ما لم تحج عن نفسك، فإذا حججت عن نفسك فإنّك تحج عمّن شئت؛ لأن النسك يقبل النيابة، وحينئذٍ تقول: لبيك عن فلان. وإذا تركت واجبًا فإن الحكم -كما تقدم- كما لو حججت عن نفسك، فإنه يلزمك ما يلزم بترك الواجب.
* * *
تحلل من اقتصر على الطواف
* إذا طفت طواف الإفاضة يوم العيد فهل لي أن أتحلل وألبس ثيابي وأنا لم أرم ولم أحلق ولم أنحر؟
- التحلل الأوَّل يكون بفعل اثنين من ثلاثة التي هي: الرمي، والحلق أو التقصير، وطواف الإفاضة، فإذا فعل اثنين منها فإنِّه يتحلل التحلل الأول، ويكون التحلل الثاني بفعل الثالث من هذه الأنساك، أما إذا فعل واحدًا فقط كأن طاف طواف الإفاضة، أو رمى، أو حلق، فإنه لا يتحللُ بذلك عند أكثر أهل العلم وإن قال بعضهم بأنه يتحلل بواحد، لكن المرجّح أنه لا يتحلل إلا باثنين؛ لأن عائشة -رضي الله عنها- تقول: كنت أطيب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لإحرامه حين يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت [البخاري: 1539]. وقد تقدم هذا الحِل الذي أشارت إليه عائشة -رضي الله عنها- وهو الرمي والحلق.
* * *
العجز عن المبيت بمزدلفة
* حصل لنا في حجة ماضية أننا لم نستطع الوقوف بمزدلفة بسبب الزحام، فبات بعضنا في الحافلات ولم نتمكن من الوصول إلى المزدلفة إلا قريبًا من الفجر، فأكملنا المسير إلى منى، فهل فعلنا هذا صحيح؟.
- المبيت في مزدلفة ليلة الجمع واجب من واجبات الحج، فمن استطاعه وفرَّط فيه يلزمه ما يلزم مَن تَرَك الواجب، لكن إذا عجز -كما في السؤال- بسبب الزحام فبات بعضهم في الحافلات خارج مزدلفة، وبعضهم لم يتمكن من الوصول إلى مزدلفة إلا قريبًا من الفجر، فعلى كل حال لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، وعلى الإنسان أن يتقي الله قدر استطاعته، فإذا فعل ما يقدر عليه أجزأه ذلك ولا شيء عليه.
* * *
نزول دم العادة
* حججت في العام الماضي وفي نهاية الطواف أحسست ببلل، فلما تفقدت ملابسي رأيت قطرات من دم الحيض، فأكملتُ السعي فلما طهرتُ عدت للحرم وطفت ولم أسع، علمًا بأنني من أهل مكة، وسؤالي: هل حجي صحيح أم علي شيء؟
- إذا كان الإحساس بهذا البلل بعد نهاية الطواف فالأصل الطهارة، وحينئذٍ طوافها صحيح، وسعيها صحيح؛ لأنه لا تشترط له الطهارة، وإن كان إحساسها بهذا البلل واطلاعها عليه وتأكدها منه في أثناء الطواف فالطواف باطل، وجمهور أهل العلم على أن السعي لا يصح إلا بعد طواف صحيح ولو مسنونًا، فعليها أن تعيد الطواف وتعيد السعي أيضًا.
يجيب عنها معالي الشيخ الدكتور - عبدالكريم بن عبدالله الخضير - عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء