د. صالح بن سعد اللحيدان
القصد من هذا أن نحلل علمياً ونسبر الغور اللغوي لعلماء قصدوا العلم ورحلوا إليه بواسع من صدر ثقيل.
ذلك أن ذكر «معاجم الرجال» يدعو دون نكير إلى تتبع / آثارهم / وكيف توصلت عقولهم الحرة المتينة إلى ما توصلت إليه ؟
فلو أنك قرأت على مثال يقوم ولا يقعد كتاب : (تواريخ البخاري الثلاثة) أو أنك قرأت : (الكامل) لابن الأثير.. أو طالعت لابن عساكر (تاريخ دمشق)، ثم نظرت ما صنعه كثير من المتأخرين خلال القرون الثامن الهجري إلى اليوم لوجدت فرقاً بيناً لا من حيث الحذر من الخطأ أو الحذر من إيراد الآثار الضعيفة أو السرد الخبري أو النقولات، بل من شدة التوقي من الاستجداء ونشدان الأحادية.
فهناك تجد إذا تأنيت وارتاح بالك كثيراً وسرت نحو الشفافية تجد التوجه الحر لأمانة الطرح وصدق القالة ووعي المراد لن تستغني عن صفحة دون أخرى كلا ثم كلا.. بل تقودك القراءة الانقياد كله لا بعضه إلى إعادة القراءة مرات عديدة، لكنك حينما تقرأ شيئاً مما صنف مما أشرت إلية آنفاً فتجد (وجرب) و(قارن) تجد السرد وعزة النفس والاستجداء وضعف كثير من الآثار.. مع سطو خفي غاية في الذكاء.
من أجل ذلك أذكر هنا ما ذكر أخونا المحقق د. أكرم بن ضياء العمري من جملة من كتب التراجم التي لا شك أن المطالع لهذا (الجزء من المعجم) سوف يقتنيها بل ويلزم فحواها ليزين بها رفوف مكتبته وهذه هي كتب التراجم:
1 - أبو بكر محمد بن مسلم «الحافظ» ت : 355 وكتابه: (كتاب في محدثي بغداد) وكتاب (تاريخ الموصل).
2 - محمد بن عبيد الله بن احمد المسبحي ت: 420
وكتابه: (تاريخ المغاربة) و(مصر)
3 - ابن ماجه القزويني وكتابه: (تاريخ قزوين).
4 - أبو القاسم عبدالرحمن بن مندة ت: 470
وكتابة (كتاب الوفيات).
5 - محمد بن عبد الله الربعي الدمشقي ت: 379
وكتابه: (تاريخ مواليد العلماء ووفياتهم).
6 - أبو بكر أحمد بن ابراهيم الجرجاني وكتابه: (معجم الشيوخ).
7 - الإمام الطبراني وكتابه (المعجم الأوسط) وكذا (المعجم الصَّغير).
8 - عبد الله بن جبلة الكناني وكتابه (كتاب الرجال).
9 - أحمد بم محمد البرقي وكتابه : (كتاب الطبقات).
10 - أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة الكوفي وكتابه : (التاريخ الكبير).
11 - أبو جعفر محمد بن الحسن وكتابه (الفهرست).
قلت وهذا كتاب لي عليه ملاحظات.
قلت كذلك ليت / أكرم العمري / حين ذكر هذه الجملة من الكتب بين ما لها وما عليها فإنَّ ذلك لو فعله يكون حسناً لأنه مجرد العرض دون توجيه أو ملاحظة مدعمة بدليل ليس بشيء.
ولعل الملاحظات والتعليقات على كتب سلفت بوحي من الفهم سديد ومن باب الحرص على التكامل البحثي يعطي هذا وذاك روحاً مفيدة ومستفيدة.
ويبقى الأصل هنا أن ما دونه أولئك من الكتب التي حوت وجمعت وأسست يبقى الأصل ان علم سياسة التراجم وسياسة اللغة نسقان متحدان دون ريب، وتستشف من هذا كله قوة البذل العلمي الحر وقوة النظر اللغوي الجيد ناهيك أن قوة الاطلاع على آثار القوم تدفع العقل السليم الواعي إلى التحرر من قيد بل قيود العاطفة والتردد وسرعة الكتابة هكذا، ولا سيما والعقل قد بدأ يتحرر شيئاً فشيئاً من المحاكاة وتقليد الآخر وليس من سبيل إلى زيادة حرية العقل إلا بتمام نزاهة القراءة وسبر غور الذين جودوا وأضافوا.