خالد بن حمد المالك
ككل الزيارات السابقة لولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، الأمير محمد بن سلمان، جاءت زيارة سموه للصين لتؤكد مجددًا مكانة المملكة لدى الدول الأخرى، والنظر إليها باحترام يليق بدورها الإقليمي والدولي لخدمتها السلام والاستقرار في العالم، وأنها دولة مهمة، تساهم بشكل فاعل في محاربة الإرهاب، والتعاون مع الدول الأخرى في تأمين ما يعزز هذه الاستراتيجية التي تتجاوز العلاقات الثنائية إلى ما يشمل العلاقات مع جميع دول العالم.
**
غير أن الأمير محمد بن سلمان لم يكتفِ بذلك، ولم يحصر موضوعات الزيارة على جانب دون آخر، وقد أرادها زيارة تاريخية، ونجح في ذلك بامتياز، بما تحمله الزيارة من بصمات عن الرؤية 2030 بكل ما فيها من تجديد وتحديث في استراتيجية المملكة، وتنشيطٍ لبرامج التنمية بالتعاون مع الدول الصديقة، وبينها الصين الشعبية؛ إذ إن برنامج سموه منذ اليوم الأول لزيارته كان مزدحمًا باللقاءات والمباحثات، ومثل ذلك كانت هناك لقاءات تتم بين الوزراء السعوديين ونظرائهم في الجانب الصيني.
**
وكان لرجال الأعمال السعوديين حضورٌ لافتٌ في هذه الزيارة، وتفاهمات بينهم وبين رجال الأعمال الصينيين، في أجواء سادتها الرغبة الصينية لتكثيف استثماراتهم بالمملكة، إما بشراكاتٍ مع رجال أعمال وشركات سعودية، أو بالاستثمار برأس مال صيني كامل في مشروعات تأكد لهم نجاح الاستثمار فيها في أسواق المملكة، ولاسيما بعد أن تم الإعلان عن الرؤية وبرنامج التحوُّل الوطني المنبثق منها، وقناعاتهم بما تمثله الرؤية من بيئة جاذبة لكثير من المشروعات التي تحتاج إليها المملكة.
**
وكانطباع سريع عن الزيارة الأميرية للصين، وما تحقق فيها من نجاحات، لا بد لمن تابع ما تم في الصين خلال الزيارة أنه عرف كثيرًا عن النظرة الصينية للمملكة، والاهتمام غير العادي للاستثمار في أسواقها المفتوحة، والثقة لدى الصينيين بأن المملكة أصبحت وجهة للتنافس بين الدول الاقتصادية الكبرى لتوظيف وضخ رؤوس أموال كبيرة في سوق المملكة، ضمن اتفاقيات وتفاهمات تم التوصل إليها في هذه الزيارة، بعد أن تعرفوا على مضامين الرؤية، ومدى ملاءمتها وتشجيعها للاستثمار الأجنبي.
**
ومن المهم للمملكة في هذه المرحلة تحديدًا أن تبحث عن شركاء أجانب من الشركات العملاقة ورجال الأعمال الكبار، وهذا ما تفعله؛ لتنفيذ ما تحمله رؤية المملكة من أفكار طموحة، وأن المستقبل الذي تبشر به هذه الرؤية يُمكن تطبيقه بشكل صحيح، وذلك حين يكون هناك تعاون مع الآخرين ضمن الضوابط والمتطلبات والشروط التي تخدم أي مشروع استثماري يشارك فيه أو يمتلكه بالكامل المستثمر الأجنبي.
**
وإذا أعدنا النظر في اللقاءات التي تمت بين ولي ولي العهد ورموز المسؤولين في الصين، والاتفاقيات التي تمت خلال الزيارة للاستثمار في المملكة، وأدركنا حجم اهتمام الجانب الصيني بالرؤية السعودية، واستيعابهم لما جاء فيها، سوف نذهب في تأييدنا إلى الفريق الأكبر والأهم الذي رأى في زيارة الأمير للصين قمة النجاح لإيصال رسالة المملكة إلى الصينيين في ضوء المستجدات والتطورات التي تشهدها مع الإعلان عن المبادرة السعودية التي لا يزال صداها والتفاعل العالمي معها كبيرًا، والمتابعة لها في تصاعد.
يتبع..