خالد بن حمد المالك
عاد الأمير محمد بن سلمان ثانية إلى الصين بعد زيارة رسمية ناجحة لليابان -نتحدث عنها فيما بعد-، وهذه المرة إلى هنغتشو وليس إلى بكين، ليرأس وفد المملكة نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في قمة دول مجموعة العشرين (G20) التي تعقد دورياً بحضور قادة أمريكا وروسيا والصين وألمانيا واليابان وفرنسا وكندا وبريطانيا وإيطاليا والأرجنتين والبرازيل وأستراليا وجنوب أفريقيا وكوريا الجنوبية والهند وتركيا والمكسيك وإندونيسيا، بالإضافة إلى المملكة العربية السعودية.
* *
ولا بد من التذكير بأن المملكة هي الدولة العربية الوحيدة التي تشارك في مجموعة الدول العشرين منذ أول اجتماع لها في العام 2008م في أمريكا وحتى آخر اجتماع عقد العام الماضي في تركيا، وكان حضورها قوياً ولافتاً ومؤثراً في كل اجتماع، من خلال ما عبرت عنه كلمات الملك عبدالله ثم الملك سلمان من رؤى وأفكار ومقترحات لمعالجة ما تواجهه دول العالم من معوقات اقتصادية، وإيجاد الحلول لها، ضمن توجه قادة المملكة إلى المشاركين بالاجتماعات من قادة دول العالم بدعوتهم إلى التنسيق وتبادل وجهات النظر حول الإصلاحات الضرورية للنظام المالي العالمي، وكذلك دعم الاقتصاد والتجارة العالمية، بالعمل على تحريرها من أي معوقات، ومواجهة الأزمات المالية لإصلاح النظام النقدي، وجعله تحت المراقبة الدائمة حتى لا يتعرض لأي خلل.
* *
وفي هذا الاجتماع، كما هي الاجتماعات السابقة، ستكون المستجدات والتطورات السلبي منها والإيجابي موضع اهتمام القادة، سواء ما يخص الاقتصاد والتجارة، أو ما يتعلق بالأنظمة المالية السائدة على مستوى العالم، وما يتصل بهذه وتلك من اهتمام بالقضاء على ظاهرة التهرب من دفع الضرائب، ومواجهة الأزمات المالية التي تعصف ببعض الدول من حين إلى آخر، بأمل عدم تكرارها، وذلك بالتنبه في الوقت المناسب بكل المخاطر، ومواجهتها بأنظمة تكون قادرة على تفاديها، والتأكد من سلامة أي إجراء يتم التوافق عليه، وقدرته وتأثيره في إنعاش الاقتصاد العالمي، مع اهتمام غير عادي بكل اجتماع بموضوع الأمن الغذائي، ومعالجة موضوع البطالة بتوليد الوظائف للعاطلين عن العمل.
* *
والمملكة برئاسة سمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في هذا الاجتماع لا تمثل نفسها فحسب، وإنما تتحدث بالنيابة عن الدول الأخرى الناشئة اقتصادياً ممن هي خارج هذه القمة، وعن الدول الفقيرة، كذلك الدول العربية، إذ إنها تشعر بمسئولياتها نحو الآخرين، فتأتي من هنا أفكارها ومبادراتها عادةً، كما تحدث بها من قبل الملك عبدالله ثم الملك سلمان وأمس ولي ولي العهد، ملبين بذلك ما كان يمثل الدول الأخرى، وخاصةً الدول العربية بهذا المحفل الاقتصادي العالمي.
* *
واختيار المملكة عضواً رئيساً في هذه القمة، هو اعتراف بقوتها الاقتصادية ووزنها السياسي، ومكانتها بين دول العالم، وأن حضورها ومشاركتها وحوارها مع الدول الأخرى في المجموعة، والتنسيق بينها وبين الدول الأغنى في العالم، إنما يوسع الفرصة بمواجهة الأزمات والحد منها، وبناء اقتصاد عالمي قوي.
* *
وستكون هذه القمة أمام اختبار جديد لإظهار جديتها على استشعارها بالأزمات والتحديات التي ينبغي على دول المجموعة أن تتعاون على إيجاد حلول مناسبة لها، وصولاً إلى إنعاش الاقتصاد العالمي، كلما استجدت عوامل وأسباب وتطورات أثرت عليه، فأضعفته، وعرضته للركود والكساد، وجعلته في حالة اقتصادية هشة.
* *
وأمام هذه القمة تحديداً مسئولية أن تتصدى لكل ما يمس اقتصاديات العالم بالتخطيط المسبق، وإيجاد آليات عمل مناسبة، وإيجاد صيغ مناسبة للتعاون، ليكون الاقتصاد العالمي في حالة تعافٍ بشكل دائم، ومتمتعاً بالقوة التي لا تسمح باختراقه في ظل أنظمة رقابية لديها القدرة في منع أي تجاوزات أو إخلال في ظل ما يتم الاتفاق عليه.
يتبع..