رقية سليمان الهويريني
تعد قضية المناخ إحدى القضايا التي تشكِّل هاجساً مزعجاً للشعوب المتحضِّرة، وبرغم انعقاد المؤتمرات والاتفاقات إلا أنها محدودة الطموحات؛ تتركّز حول مكافحة الاحتباس الحراري فقط.
والمقلق هو ارتفاع حرارة سطح الأرض مقارنة بما كانت عليه قبل الثورة الصناعية، لذا أبرمت الاتفاقيات لإنشاء صندوق مالي، وتم رصد مبلغ 30 مليار دولار لمساعدة الدول الفقيرة على مواجهة تداعيات هذه الظاهرة والتصدي لتغيّر المناخ. ودعا الاتفاق الدول الصناعية والدول النامية إلى تأكيد التزامهم خطياً بتقليص انبعاث الغازات الدفيئة.
والحق أن شعوب الدول النامية تحلم بقيام الدول المتقدِّمة بتزويد بلدانها بالتكنولوجيات الخضراء الجديدة مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية وتشجيع زراعة الغابات واستخدامها في امتصاص الغازات المسببة لارتفاع درجة حرارة الأرض، بدلاً من تقديم المساعدات المادية لهذه الدول لعدة سنوات كأفخاخ منصوبة أو رشوة للصمت على تدمير البيئة وخرابها وعدم المطالبات مستقبلاً! وأثار هذا الاتفاق مشاعر بعض الدول النامية النبيهة، ورآه المخلصون بأنه انتهاك لتقاليد الأمم المتحدة وسيضع الفقراء في حال أسوأ، حيث اتضح أنه ليس اتفاقاً وإنما فرض فرضاً قاسياً. وأصيب كثيرون بخيبة أمل لدرجة قيام نشطاء من دعاة الحفاظ على البيئة آنذاك بحلق شعر رؤوسهم احتجاجاً على الاتفاق المحبط، وعلى تنصل الدول الكبرى عن الاضطلاع بمسؤوليتها تجاه السيطرة على تغيّر المناخ.
ولعل فشل سنوات المفاوضات في ضمان عالم أكثر أمناً وبيئة أكثر نقاء للأجيال المقبلة، كان بسبب بروز الفك السياسي المفترس وسعي الدول العظمى لرعاية المصالح الاقتصادية مقابل انحسار لثة أنصار البيئة المخلوعة الأسنان، لذا لا يعوّل على المؤتمرات الشكلية الاستعراضية التي يحضرها قادة الدول الكبرى لأنها تدور في محيط مصالحها.
وحتى لا يهلك المستضعفون بعمل المستكبرين الطاغين؛ فلا بد أن تتنبه الشعوب ذاتها وتتوقف عن تدمير الأرض التي تعيش عليها، حيث يبدو أن كل مخلوق يحمل في داخله معاول لتدميرها. وإن لم يفعلوا فعليهم البحث عن كوكب آخر أكثر نقاءً، وسكانٍ أكثر وعياً وحباً لكوكبهم. وقبل أن تلقي الأرض بمن فيها وتتخلَّى، علينا أن نكون معها لطفاء ونبلاء ومحبين!