سمر المقرن
هناك شعرة فاصلة بين الأنانية وحب الإنسان لذاته. الأولى مذمومة، والثانية محمودة. فالشخص الأناني يحب كل شيء لذاته؛ مما يعزز الشعور لديه بكره الآخرين، بينما الشخص الذي يحب ذاته يحب الآخرين، ويمنحهم العطاء بقدر حبه لنفسه.
وردت في ذهني هذه الأفكار وأنا أتابع فعاليات اليوم العالمي للانتحار يوم أمس 10 سبتمبر. عدت للقراءة في بعض الفلسفات الإنسانية حول الانتحار. عادت ذاكرتي إلى حكاية انتحار كليوباترا ملكة مصر من أيام ما قبل الميلاد، وإلى حالات الانتحار في يومنا الحاضر، والقصص المتكررة والواردة في الصحافة المحلية.
برأيي الشخصي، إن الانتحار هو حالة استسلام ناتجة من الشعور بالهزيمة، بعد إغلاق كل مساحات المناورة لاستعادة النفس مرة أخرى. أفكر -أحيانًا- هل الشخص الذي يقدم على الانتحار مجنون أم عاقل؟ صعب جدًّا أن أجد إجابة لمثل هذا السؤال؛ إذ تعتمد الإجابة على الدوافع التي جعلت الشخص يقرر إنهاء حياته.
الحياة جميلة جدًّا، جمالها لا يعتمد على المكان أو الأشخاص الذين نعيش بينهم.. جمالها يعتمد على حب الإنسان لذاته، وقدرته على استشعار جمال روحه، وقدرته أيضًا على أن يجعل الناس من حوله يشعرون بجمال هذه الروح، وأن يمنح نفسه ومن حوله الشعور بالإيجابية، التي تمكّن أي شخص من رؤية الأحداث والمواقف بنظرة مختلفة تمامًا بعيدة عن السلبية. ومن هنا يمكننا قياس نظرة الناس، سواء لشخص أو حدث أو موقف. هذه النظرة هي صورة عكسية لروح الشخص نفسه. ومثالاً على هذه الفكرة: إن هناك من يراني إنسانة سيئة للغاية، وآخر يراني إنسانة رائعة بكل المقاييس. المشكلة في الحالة الأولى ليست في شخصي، إنما في روح الشخص الذي يراني بهذه الصورة القاتمة. والعكس تمامًا مع الحالة الثانية. حتى في المواقف قد يعترضنا موقف وتختلف الرؤى والأحكام حوله، حتى ولو كان الموقف سلبيًّا؛ فالشخص الإيجابي يراه بطريقة مختلفة، ويضع الحلول مع التعامل بهدوء مع هذا الموقف، بينما الشخص السلبي روحه القاتمة تغلق كل الأبواب أمام عينيه، ولا يرى سوى المشكلة، وكأنها نهاية العالم.
من هنا يمكن تشخيص حالة من يقدم على الانتحار، فهو ليس لكونه يائسًا أو يرغب في إحداث العنف تجاه ذاته فقط، بل لأن سلبيته جعلته لا يرى جمال الحياة، ولا يشعر بروعتها؛ فيكون مستعدًا للموت.
بالمناسبة، الانتحار - في رأيي - ليس بالضرورة أن يكون خطوة الإقدام على إنهاء الحياة، بل هناك أشكال مختلفة للانتحار كإهمال النفس والصحة، وعدم الاكتراث لنتائج هذا الإهمال!