د. ناهد باشطح
فاصلة:
{وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} (125) سورة البقرة.
لم تأت إيران بجديد حين حرمت مواطنيها من أداء فريضة الحج، وألقت باللوم على المملكة، فهي ذات تاريخ طويل في ممارسات متعددة لشق صف المسلمين، وتوتير الأجواء، وإشعال الفتن والنزعات الطائفية في المنطقة.
وليس من المستغرب أيضاً أن ترفض بعثة منظمة الحج والزيارة الإيرانية، التوقيع على محضر إنهاء ترتيبات شؤون الحجاج الإيرانيين، وذلك حسب إعلان وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية «إرنا»، المغادرة وعدم التوقيع، فهي لم تهدف إلى تسهيل مهام المملكة في الحج أو رغبة مواطنيها في الحج إنما كانت تهدف إلى تسيس الحج.
الذي لم تستطع إيران فهمه أن المملكة السعودية منذ تأسيسها على يد الموحد الملك عبد العزيز رحمه الله وهي ترفض تسييس شعيرة الحج وتهديد أمن الحجاج.
وقد أصدرت وزارة الحج والعمرة لدينا بيانا يوم الجمعة الماضي أكدت فيه أن «بعثة منظمة الحج والزيارة الإيرانية بامتناعها عن توقيع محضر إنهاء ترتيبات الحج تتحمل أمام الله ثم أمام شعبها، مسؤولية عدم قدرة مواطنيها من أداء الحج لهذا العام، كما توضح رفض المملكة القاطع لتسييس شعيرة الحج أو المتاجرة بالدين».
لقد تعاونت بلادنا لتسهيل زيارة الحجاج الإيرانيين وهي في ذلك تدرك دورها الذي تتشرف به في خدمة المسلمين الحجاج من كافة اقطاب العالم، واتفقت الرياض مع طهران بشأن إصدار التأشيرات بشكل إلكتروني من داخل إيران، بموجب آلية اتفق عليها مع وزارة الخارجية السعودية، ومناصفة نقل الحجاج بين الناقل الوطني السعودي والناقل الوطني الإيراني، وكذلك الموافقة على طلب الوفد الإيراني السماح لهم بتمثيل دبلوماسي عبر السفارة السويسرية لرعاية مصالح حجاجهم.
ومع ذلك تصر إيران على تسيس الحج وتطالب بشروط تتضمن طقوساً مذهبية محددة مثل «إقامة دعاء كميل ومراسم البراءة ونشرة زائر»، وهذه التجمعات بلا شك تعيق حركة بقية الحجيج من دول العالم الإسلامي حيث انها غير مألوفة وبإمكانها تهديد أمن الحجاج وخلق مشكلات في السير وسط أعداد الحجاج الهائلة.
إن إيران هي الدولة الوحيدة التي رفضت توقيع اتفاقية الحج ولذلك فهي تتحمل أمام الله ثم أمام شعبها، مسؤولية عدم قدرة مواطنيها من أداء الحج لهذا العام بسبب تعنتها، بينما رحبت المملكة بأعداد من الإيرانيين القادمين من أوروبا وأمريكا وأستراليا لالتزامهم بعدم تسيس الحج وإثارة الشغب.
المملكة كل عام تستقبل ملايين الحجاج وتعمل على خدمتهم وتسهيل أمورهم لأدائهم مناسك الحج، بينما إيران لا تفعل شيئاً سوى إثارة البلبلة في كل عام قبل الحج، ومع ذلك يوفق الله بلادنا في مساعيها نحو خدمة المسلمين ويشهد بذلك كل حاج لمس الجهود المبذولة لتسهيل حجه.