د. خالد محمد باطرفي
كنت أناقش مع صديقي الإعلامي العربي أربع قمم عقدت بالرياض أبريل الماضي خلال أيام، مع الرئيس الأمريكي، وملك المغرب وزعماء الخليج إضافة إلى قمة دول مجلس التعاون والرئيس أوباما. واجتماعات وزارية مختلفة إقليمية ودولية. وفجأة هز رأسه مبتسماً وردد بعجب وفخر: السعودية قوية!
تذكّرت كلامه وأنا أتابع لقاءات أميرنا الشاب محمد بن سلمان مع زعماء دول كبرى والحفاوة التي استقبل بها وهو الرجل الثالث في بلاده ولم يحظ بمثلها رؤساء دول هامة، وتخيلت ردة فعل حلفائنا وأعدائنا فابتسمت وأنا أردد: اللهم لك الحمد.. فعلاً السعودية قوية!
شهدنا كيف بحث الرئيس أوباما عن ولي ولي العهد السعودي ليحييه، وأدار ظهره لرئيس وزراء دولة سلّمت قيادها لإيران كان ينتظره ليسلّم عليه. ورأينا كيف استقبل أميرنا إمبراطور اليابان الذي يمثِّل الرمز الأعظم للإمبراطورية ولا يستقبل عادةً ضيوف الحكومة، واجتمع به رؤساء ورؤساء وزارات وقيادات عليا في الباكستان والصين واليابان وتركيا وروسيا وإندونيسيا والهند، ومدير عام صندوق النقد الدولي ورؤساء بنوك وشركات عالمية كبرى.
لم تأت هذه الحفاوة المميزة من فراغ، وإنما هي شهادة استثنائية لبلد استثنائي يحوي قبلة المسلمين وأعظم مقدساتهم، ومهد العروبة، ويمثّل 57 دولة عربية ومسلمة تشكِّل ربع مساحة العالم، وتعداد سكانها يتجاوز مليار ونصف، في أربع قارات (آسيا وإفريقيا وأوروبا وأمريكا الجنوبية)، تملك 43 % من موارد الأرض، ولدولة رشيدة تجمع ولا تفرّق، وتصلح ولا تفسد، وتقود ولا تنقاد، ولحكومة حققت لشعبها تنمية وأمناً واستقراراً ورخاءً في منطقة تشتعل بالحروب ويعطّل تنمية كثير من بلدانها الجهل والفقر والمرض، ولقيادات متوثبة تنفتح على عالم جديد بلا حدود وتقدّم له رؤية طموحة لتعاون تنموي واقتصادي واستثماري غير مسبوق في حجمه وفوائده وتعدد مجالاته.
قلت للإعلامي العربي: صدقت. ولكن قوتنا ليست ذاتية فقط، وإنما سرها في سياسة دولتنا التي كانت أول من دعا إلى التضامن الإسلامي والعربي، وبنت صلاتها مع العالم على أسس السلم والشراكة في عمارة الأرض ومنفعة البشرية ولم تلجأ إلى القوة إلا لمواجهة الأطماع ودفع المعتدي على الوطن والأمة.
على هذا أقمنا عماد دولتنا، ورفعنا راية الإسلام والسلام رايتنا وصغنا مواقفنا وسياستنا.. ولهذا أكرمنا العالم وقدّرنا... وهذا، باختصار، سر قوتنا.