د. عبدالواحد الحميد
تساءلت قبل أسبوع، هنا في هذه الزاوية، عَمّن يحمي حقوق المؤلف في العالم العربي، وذلك في ظل تجاوزات المواقع الإلكترونية التي تتيح تنزيل الكتب مجاناً دون أن تعبأ بحقوق الملكية الفكرية للمؤلف والناشر، وهذا ما لا يحدث في البلدان المتقدمة التي تملك بنية قانونية كافية لردع كل من يسطو على حقوق الملكية الفكرية للمؤلفين والناشرين.
الكاتب السعودي محمد بناصر الأسمري قرأ الموضوع وكتب لي عن تجربة شخصية مر بها. يقول الأستاذ الأسمري: «سرق أحد المواقع، وهو موقع جوال الخليج ومقره سلطنة عمان كتابي الجيش السعودي في حرب فلسطين. تقدمت بشكوى لإدارة حماية المؤلف، وبعد تحقق وتحقيقات كتب الوزير لوزارة تقنية المعلومات بطلب حجب الموقع في السعودية ولم يُحجب بل حُذِف كتابي من الموقع بعد تواصل وزارة الإعلام مما يعني أن أحداً نصح السارق، وما زلت أبحث عن حقوقي، ولدي الوثائق!».
للأسف، هذه التجاوزات أصبحت شائعة حتى يَئس المؤلفون من إمكانية استعادة حقوقهم وبدأوا يتعايشون مع هذه الحقيقة المؤلمة، ويُحْمَد للأستاذ الأسمري أنه لم ييأس بل طالب بحقوقه التي تم الاعتداء عليها. صحيح أنه ما زال يبحث عن حقوقه، وصحيح أن الجهة المعتدية لم تدفع ثمن عدوانها، لكنه على الأقل سجل موقفاً وكتب للجهة ذات الاختصاص ولو تكررت مطالبات المؤلفين والمبدعين بحماية حقوق ملكيتهم الفكرية لأسهمت هذه المطالبات في وقف عمليات السطو والتجاوز.
لكن المحير هو أن هناك قوانين غير مُفعلة لحماية حقوق الملكية الفكرية، فما الفائدة من هذه القوانين إذا كانت مجرد حبر على ورق؟ كذلك ما الفائدة من القوانين إذا كانت ليِّنة ومهادنة وغير رادعة؟ وهل الهدف هو فقط أن نتباهى بأننا نملك أنظمة لحماية حقوق الملكية الفكرية.
الدكتورة عائشة نتو، الكاتبة بجريدة المدينة، أيضا قرأت المقال وكتبت لي تعليقاً جاء فيه أن الحل الأول والأخير يتمثل في التقنية، ففي الإمكان اليوم نشر نسخة إلكترونية محمية من الكتاب. وتضيف ساخرة: «لا يخفى عليك أن الشاحن غير الأصلي لم يعد اليوم يشحن. أصحاب ستيف جوبز أبطلوا تفعيل التقليد!».
لاشك بأن الدكتورة عائشة على حق بأن التقنية تقدم لنا الكثير من الحلول كما في الحالة التي أشارت إليها، لكن التقنية مكلفة وقد لا تكون متاحة للجميع وهي أيضا التي أوجدت في المقام الأول إمكانية السطو والتجاوز. بمعنى أن التقنية فعلاً مذهلة في إمكاناتها، ولكن هل يمكن تعظيم الفائدة من التقنية إلى مداها الأبعد في غياب قوانين حازمة ومطبقة تردع اللصوص والمحتالين الذين يجيدون استخدام التقنية ربما أكثر من بعض المؤلفين الغلابى؟!
حماية الحقوق الفكرية موضوع واسع جداً، لكن المؤكد أن هناك تجارب وتطبيقات ممتازة في البلدان المتقدمة ولا شيء يحول دون الاستفادة منها، وعلينا أن نلحق بالركب المتقدم من البلدان.