د. ناهد باشطح
فاصلة:
(الحرية هي السيطرة التي نتمتع بها على أنفسنا)
- حكمة هولندية -
البعض يعتقد أن العقل ميزه كإنسان عن الحيوان، بينما من المعروف أن الحيوانات تمتلك بعض القدرات العقلية فالقرد والجمل لديهما ذاكرة قوية، ويتصف الثعلب والدلفين بالذكاء، والنمل كما ورد في القرآن الكريم يفكر يقول تعالى: {حَتَّى إذا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ } (18) سورة النمل.
إنما يتميز الإنسان بالإدراك والوعي الذي أنعم الله به على الإنسان واستحق أن يتحمل مسؤولية نفسه ومسؤولية الغير ومسؤولية عمارة الأرض. لكن إنسان العصر الحديث تلوث بأسوأ ما في التكنولوجيا وهو جمود العواطف.
لقد ميز الله الإنسان بالعاطفة، حيث إنها في الحيوان تحكمها الغريزة، بينما يستطيع الإنسان التحكم في غرائزه الشهوانية والعدوانية.
هذه العاطفة قتلها غياب الوعي وهو الذي يفسر التناقض بين الأفكار والسلوك إِذ يمكن أن تجد من يمارس الأعمال الإنسانية، فيحرص على أن يتصدق من ماله لمساعدة المحتاجين وأن يشارك في كافة الأفكار التطوعية لمساندة الفقراء والمنكوبين، لكن قلبه لا يأسى لطفل يتيم أو أم مكلومة!!
يحرص على صيام العشر من ذي الحجة لكنه لا يذكر كم مرة آذى الآخرين أو تعمد مضايقتهم فقط لأن مزاجه سيء.
الوعي يرفع من مستوى الإدراك ليستطيع الإنسان أن يمارس سلوكه وفقًا لقناعة يدركها وليس انقيادًا لبرمجة قديمة لا يستطيع الانفلات منها.
مؤسف أن تؤدي الأعمال الإنسانية دون استشعار لقيمتها..
مؤسف أن نعتاد الواجبات الدينية فلا نشعر بأثرها في تفكيرنا وسلوكيات حياتنا.
فارق كبير بين أن تتصنع الإنسانية وبين أن تكون إنسانًا مستشعرًا لعمق إِنسانيتك في التعامل بالوعي الذي أنعم به الله عليك.
الإنسانية استشعار للحب في دواخلنا حين نتمتع به ونمنحه لكل ما حولنا، لم تكن الإنسانية يومًا واجبًا نؤديه بإتقان.